السبت، 3 أغسطس 2013

ان معاوية بن يزيد بن معاوية خلع نفسه عن الخلافة

هناك الكثير من الشواهد والأدلة التاريخية - فضلاً عن النقلية والعقلية - التي تثبت أحقية أئمة أهل البيت(ع) بالخلافة الإلهية بعد رسول الله(ص) دون غيرهم الذين اغتصبوها وأخذوها عنوة منهم(ع).. وواحد من هذه الشواهد هي قصة خلع معاوية الثاني بن يزيد بن معاوية نفسه من الخلافة في 24 من ربيع الثاني سنة 64 هـ، فقال كلمة الحق التي يجب أن تقال وتنازل عن الحكم والخلافة التي لم تدم إلا 40 يوماً.. ومن الصعب جداً أن يقول الإنسان كلمة الحق على نفسه -وهو الحاكم- ويعترف بعدم أحقيته بالخلافة أمام رعيته..


لقد ذكرت المصادر التاريخية أنه لما خلع نفسه صعد المنبر، فجلس طويلاً ثم حمد الله تعالى وأثنى عليه بأبلغ ما يكون من الحمد والثناء، ثم ذكر النبي(ص) بأحسن ما يذكر به. ثم قال:

أيها الناس، ما أنا بالراغب في الائتمار عليكم، ما أكرهه منكم، وإني أعلم أنكم تكرهونا أيضاً، لأنا بُلينا بكم وبُليتم بنا، إلا أن جدي معاوية نازع هذا الأمر مَن كان بهذا [الحكم] أولى منه ومن غيره، لقرابته من رسول الله(ص)، وعظيم فضله وسابقته، أعظم المهاجرين قدراً، وأشجعهم قلباً، وأكثرهم علماً، وأولهم إيماناً، وأشرفهم منزلةً، وأقدمهم صحبةً، ابن عم رسول الله(ص)، وصهره وأخوه... أبو سبطيه سيدا شباب أهل الجنة، وأفضلا هذه الأمة بعد الرسول(ص)، وابنا فاطمة البتول(ع)، من الشجرة الطيبة الطاهرة الزكية، فركب جدي منه ما تعلمون، وركبتم منه مالا تجهلون، حتى انتظمت لجدي الأمور.

فلما جاء القدر المحتوم، واخترمته أيدي المنون، بقي مرتهنا بعمله، فريداً في قبره، ووجد ما قدمت يداه، ورأى ما ارتكبه واعتداه، ثم انتقلت الخلافة إلى يزيد أبي، فتقلد أمركم لهواءٍ كان أبوه فيه، لقد كان أبي يزيد بسوء فعله وإسرافه على نفسه غير خليق بالخلافة على أمة محمد(ص)، فركب هواء واستحسن خطأه، وأقدم على ما أقدم من جرأته على الله تعالى، وبغيه على من استحل حرمته من أولاد رسول الله(ص)، فقلَّت مدته، وانقطع أثره، وضاجع عمله، وصار حليف حفرته، رهين خطيئته، وبقيت أوزاره وتبعاته، وحصل على ما قدم وندم حيث لا ينفعه الندم... فليت شعري ماذا قال وما قيل له، فهل عوقب بإساءته، وجوزي بعمله؟ وذلك ظني...

ثم خنقته العبرة، فبكى طويلاً وعلا نحيبه، ثم قال: وصرتُ أنا ثالث القوم، والساخط عليّ أكثر من الراضي، وما كنت لأتحمل آثامكم، ولا أراني الله تعالى جلت قدرته متقلداً أوزاركم، وألقاه بتبعاتكم، والله لئن كانت الخلافة نعيماً لقد نال أبي منها مغرماً ومأثماً، ولئن كانت شراً فحسبه منها ما أصابه، فشأنكم أمركم، فخذوه ومن رضيتم به عليكم فولوه، فقد خلعت بيعتي عن أعناقكم، والسلام.

ثم نزل، فدخل عليه أقاربه وأمه، فوجدوه يبكي، فقالت له أمه: ليتك كنت حيضة ولم أسمع بخبرك، فقال: وددتُ والله ذلك، ثم قال: ويلي إن لم يرحمني ربي. (بحار الأنوار: ج46، ص118، تنبيه الخواطر: ص 518).

ثم إن بني أمية اتهموا مؤدبه عمر القصوص بأنه هو من رباه على حب علي وأولاده(ع)، فأنكر ذلك ولم يصدقوه، وأخذوه ودفنوه حياً حتى مات.. وتوفي معاوية بن يزيد بعد خلع نفسه بأربعين ليلة. وقيل سموه. (كتاب الأربعين، للقمي الشيرازي: 1/ 497).