الاثنين، 29 يوليو 2013

استشهاد امير المؤمنين علي بن ابي طالب ( عليه السلام )


روى جماعة من أهل السير منهم أبو مخنف وإسماعيل بن راشد أبو هاشم الرفاعي وأبو عمرو الثقفي وغيرهم الأحداث التاريخية التي جرت في استشهاد أمير المؤمنين علي بن طالب عليه السلام. 

كان تخطيط قتل علي بن طالب من قبل معاوية وعبد الملك بن مروان والمغيرة بن شعبة والأشعث بن قيس وغيرهم من مبغضي علي عليه السلام.
إنّ نفراً من الخوارج اجتمعوا بمكة، فتذاكروا الأمراء (ويقصدون بني أميّة) فعابوهم عابوا أعمالهم، وذكروا أهل النهروان وترحّموا عليهم، فقال بعضهم لبعض : لو أنا شرينا أنفسنا لله فأتينا أئمة الضلال فطلبنا غرّتهم وأرحنا منهم العباد والبلاد وثأرنا بإخواننا الشهداء بالنهروان، فتعاهدوا عند انقضاء الحج على ذلك. 

1. فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله : أنا أكفيكم عليّاّ، 
2. وقال البرك بن عبيد الله التميمي : أن أكفيكم معاوية ، 
3. وقال عمرو بن بكر التميمي ، أنا أكفيكم عمرو بن العاص، 
وتعاقدوا على ذلك وتوافقوا على الوفاء، وتواعدوا شهر رمضان في ليلة تسع عشرة منه، ثم تفرقوا.

فأقبل ابن ملجم لعنه الله وكان عداده في كندة حتى قدم الكوفة، فلقي بها أصحابه فكتمهم أمره مخافة أن ينتشر منه شيء ، فهو في ذلك إذ زار رجلاً من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب، فصادف عنده \\\"قطام بنت الأخضر التيمية\\\" ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد قتل أباها وأخاها بالنهروان، وكانت من أجمل نساء أهل زمانها، فلما رآها ابن ملجم شغف بها واشتد إعجابه بها، وسأل في نكاحها وخطبها، وقد مارست معه الإغراء والإثارة ولم تسلّمه نفسها إلا بتلبية الصداق. 

فقالت له : ما الذي تسمّي لي من الصداق ؟ 
فقال لها : احتكمي ما بدا لك
فقالت له : أنا محتكمة عليك ثلاثة آلاف درهم ووصيفاً وخادماً وقتل علي بن أبي طالب.
فقال لها : لك جميع ما سألت، فأما قتل علي بن أبي طالب عليه السلام فأنّى لي بذلك ؟ 
فقالت: تلتمس غرّته فإن أنت قتلته شفيت نفسي وهنأك العيش معي، وإن أنت قُتلت فما عند الله خير لك من الدنيا.
فقال : أما والله ما أقدمني هذا المصر وقد كنت هارباً منه لا آمن مع أهله إلا ما سألتني من قتل علي بن أبي طالب، فلك ما سألت.
قالت : فأنا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك ويقويك. 

ثم بعثت إلى وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبّرته الخبر، وسألته معونة ابن ملجم لعنه الله، فتحمّل ذلك لها، وخرج ابن ملجم فأتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة ، فقال : يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة ؟ قال : تساعدني على قتل علي بن أبي طالب، وكان شبيب على رأي الخوارج ، فقال له : يا ابن ملجم هبلتك الهبول لقد جئت شيئا إدا ، وكيف تقدر على ذلك ؟ فقال له ابن ملجم : نكمن له في المسجد الأعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به ، فإن نحن قتلناه شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا ، فلم يزل به حتى أجابه ، فأقبل معه حتى دخلا المسجد الأعظم على قطام وهي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة، فقالا لها : قد اجتمع رأينا على قتل هذا الرجل، فقالت لهما : إذا أردتما ذلك فائتياني في هذا الموضع، فانصرفا من عندها ،

فلبثا أياماً ثم أتياها ومعهما الآخر ليلة الأربعاء لتسعة عشر( ليلة ) خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة ، فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم، وتقلدوا أسيافهم، ومضوا وجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين عليه السلام إلى الصلاة، وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث ابن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين عليه السلام، وواطأهم على ذلك وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه، وكان حجر بن عدي في تلك الليلة بائتاً في المسجد، فسمع الأشعث يقول : يا ابن ملجم النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح فأحسّ حجر بما أراد الأشعث، فقال له : قتلته يا أعور ! وخرج مبادراّ ليمضي إلى أمير المؤمنين عليه السلام ليخبره الخبر ويحذره من القوم، وخالفه أمير المؤمنين عليه السلام من الطريق فدخل المسجد. فسبقه بن ملجم فضربه بالسيف . وأقبل حجر والناس يقولون : قتل أمير المؤمنين عليه السلام . 

وذكر عبد الله بن محمد الأزدي قال : إني لأصلي في تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصلّون في ذلك الشهر من أوله إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلّون قريبا من السدة، وخرج عليّ بن أبي طالب عليه السلام لصلاة الفجر، فأقبل ينادي : الصلاة الصلاة، فما أدري أنادى أم رأيت بريق السيوف، وسمعت قائلاً يقول : \\\"لله الحكم لا لك يا علي ولا لأصحابك\\\"، وسمعت علياً يقول : لا يفوتنكم الرجل ، فإذا عليه السلام مضروب، 

1. وقد ضربه شبيب بن بجرة فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق، وهرب القوم نحو أبواب المسجد، وتبادر الناس لأخذهم، فأما شبيب بن بجرة فأخذه رجل فصرعه وجلس على صدره، وأخذ السيف ليقتله به فرأى الناس يقصدون نحوه، فخشي أن يعجلوا عليه ولم يسمعوا منه، فوثب عن صدره وخلاّه، وطرح السيف من يده، ومضى شبيب هارباً حتى دخل منزله ودخل عليه بن عم له فرآه يحلً الحرير عن صدره، فقال له : ما هذا لعلك قتلت أمير المؤمنين ؟ فأراد أن يقول لا ، قال : نعم ! فمضى ابن عمه واشتمل على سيفه، ثم دخل عليه فضربه به حتى قتله، 
2. وأما ابن ملجم فإن رجلا من همدان لحقه فطرح عليه قطيفة كانت في يده، ثم صرعه وأخذ السيف من يده، وجاء به إلى أمير المؤمنين عليه السلام، 
3. وأفلت الثالث وانسل بين الناس. 

فلما دخل بن ملجم على أمير المؤمنين عليه السلام نظر إليه ثم قال : \\\"النفس بالنفس، فإن أنا متّ فاقتلوه كما قتلني، وإن عشت رأيت فيه رأيي\\\" قال بن ملجم : والله لقد ابتعته بألف وسمّمته بألف، فإن خانني فأبعده الله ، قال : ونادته أم كلثوم : يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين ؟ قال : إنما قتلت أباك، قالت : يا عدو الله إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس ، قال لها : فأراك إنما تبكين علي إذاً ؟ لقد والله ضربته ضربة لو قسمت على أهل الأرض لأهلكتهم، فاخرج من بين يديه عليه السلام وإن الناس ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع ، وهم يقولون : يا عدو الله ما فعلت ؟ أهلكت أمّة محمد صلى الله عليه واله وقتلت خير الناس؟، وإنه لصامت لم ينطق ، فذهب به إلى الحبس ، وجاء الناس إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقالوا له : يا أمير المؤمنين مرنا بأمرك في عدو الله ، والله لقد أهلك الأمّة وأفسد الملّة، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام : إن عشت رأيت فيه رأي ، وإن أهلكت فاصنعوا به كما يصنع بقاتل النبي، اقتلوه ثم حرّقوه بعد ذلك بالنار. 

قال فلما قضى أمير المؤمنين عليه السلام نحبه وفرغ أهله من دفنه جلس الحسن عليه السلام وأمر أن يؤتى بابن ملجم ، فجيء به، فلما وقف بين يديه قال له : يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين وأعظمت الفساد في الدين ، ثم أمر فضُربت عنقه، واستوهبت أم الهيثم بنت الاسود النخعية جثته منه لتتولى إحراقها، فوهبها لها فأحرقتها بالنار . 

وفي أمر قطام وقتل أمير المؤمنين عليه السلام يقول : 

فـلـم أر مـهـرا سـاقـه ذو سـماحة
كمهر قطام من فصيح وأعجمي
ثــلاثـة آلاف وعـبـد وقـيـنـة 
وضـرب علي بالـحسام المـسمم 
ولا مهر أغلى من علي وإن غلا 
ولا فتك إلا دون فتك ابن ملـجم



وأما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم في العقد على قتل معاوية وعمرو بن العاص :

1. فإن أحدهما ضرب معاوية وهو راكع ، فوقعت ضربته في إليته ونجا منها وأُخذَ وقُتل من وقته ، 
2. وأما الآخر فإنه وافى عمرو في تلك الليلة وقد وجد علّة فاستخلف رجلا يصلّي بالناس يقال له خارجة بن أبي حبيبة العامري، فضربه بسيفه وهو يظن أنه عمرو، فأُخذ وأُتي به عمرو فقتله، ومات خارجة في اليوم الثاني. 

هذه القصة نقلا عما ورد في كتاب بحار الأنوار .

عمر بن الخطاب






الثلاثاء، 9 يوليو 2013

واجبات الصيام ومحرماته

واجبات الصيام ومحرماته

*- محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام)، أنّ علياً (عليه السلام) قال في رجل نذر أن يصوم زماناً، قال: الزمان خمسة أشهر والحين ستة أشهر; لأنّ الله تعالى يقول: (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِين بِإِذْنِ رَبِّهَا)  ([1])    (




[2])  .

*- محمّد بن محمّد المفيد، سئل الصادق (عليه السلام) عمّن نذر أن يصوم زماناً، ولم يسمّ وقتاً بعينه، فقال (عليه السلام): كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يوجب عليه أن يصوم خمسة أشهر.  (




[3])





*- وعنه: سئل الصادق (عليه السلام) عمّن نذر أن يصوم حيناً ولم يسمّ شيئاً بعينه، فقال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يلزمه أن يصوم ستة أشهر، ويتلو قول الله عزّ وجلّ: (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِين بِإِذْنِ رَبِّهَا)  ([4])   وذلك في كل ستّة أشهر.  (




[5])

*- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: صيام الظهار، شهران متتابعان، كما قال الله عزّ وجلّ  (




[6])  .

*- (الجعفريات)، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، أنّ علياً (عليه السلام) كان يقول: لا وصال في الصيام.  (




[7])





*- وبهذا الاسناد، أنّ علياً (عليه السلام) كان يقول: ولا صمت بعد (مع) الصيام.  (




[8])





*- وبهذا الاسناد، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا طلاق إلاّ من بعد النكاح، إلى أن قال: ولا صمت من غداة إلى الليل، الخبر.  (




[9])





*- الراوندي بإسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا صمت من غدوة إلى الليل، ولا وصال في صيام.  (




[10])





*- زيد بن علي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السلام) قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن صوم الدهر.  (




[11])





*- الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: سئل علي (عليه السلام) عن رجل قال لامرأته: إن لم أصُم يوم الأضحى فأنت طالق؟ فقال: إن صام فقد أخطأ السنّة وخالفها والله وليّ عقوبته ومغفرته، ولم تطلق امرأته، وينبغي أن يؤدّبه الإمام بشيء من الضرب.  (




[12])










([1])ابراهيم: 25.

([2])الكافي 4: 142; تهذيب الأحكام 4: 309; علل الشرائع: 387; وسائل الشيعة 7: 285; مستدرك الوسائل 7: 494 ح8730; تفسير العياشي 2: 224.

([3])المقنعة: 378; ارشاد المفيد: 118; وسائل الشيعة 7: 285.

([4])ابراهيم: 25.

([5])المقنعة: 378; ارشاد المفيد: 118; وسائل الشيعة 7: 285.

([6])دعائم الإسلام 2: 279; مستدرك الوسائل 7: 492 ح8726.

([7])الجعفريات: 61; مستدرك الوسائل 7: 551 ح8863; البحار 96: 267; نوادر الراوندي: 37.

([8])الجعفريات: 61; مستدرك الوسائل 7: 552 ح8868; البحار 96: 267; نوادر الراوندي: 37.

([9])الجعفريات: 113; مستدرك الوسائل 7: 552 ح8869.

([10])نوادر الراوندي: 51; البحار 96: 267.

([11])مسند زيد بن علي: 210.

([12])نوادر الراوندي: 47; البحار 96: 267.

عن شهر رمضان_كلام الائمة ( عيهم السلام )






بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم

قال الله تبارك و تعالى: 
يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. 
سوره بقره آيه 183

1ـ قال الباقر عليه السلام: 
بنى الاسلام على خمسة اشياء، على الصلوة و الزكاة و الحج و الصوم و الولايه. 
فروع كافى، ج 4 ص 62، ح 1

2ـ قال الصادق عليه السلام: 
انما فرض الله الصيام ليستوى به الغنى و الفقير. 
من لا يحضره الفقيه، ج 2 ص 43، ح 1

3ـ قال اميرالمومنين عليه السلام: 
فرض الله ... الصيام ابتلاء لاخلاص الخلق 
نهج البلاغه، حكمت 252

4ـ قال الرضا عليه السلام: 
انما امروا بالصوم لكى يعرفوا الم الجوع و العطش فيستدلوا على فقر الاخر. 
وسائل الشيعه، ج 4 ص 4 ح 5 علل الشرايع، ص 10

5ـ قال رسول الله صلى الله عليه و آله 
لكل شيئى زكاة و زكاة الابدان الصيام. 
الكافى، ج 4، ص 62، ح 3

6ـ قال رسول الله صلى الله عليه و آله: 
الصوم جنة من النار. 
الكافى، ج 4 ص 162

7ـ قال رسول الله صلى الله عليه و آله: 
الصوم فى الحر جهاد. 
بحار الانوار، ج 96، ص 257

8ـ قال اميرالمومنين عليه السلام 
صوم النفس عن لذات الدنيا انفع الصيام. 
غرر الحكم، ج 1 ص 416 ح 64

9ـ قال اميرالمومنين عليه السلام 
الصيام اجتناب المحارم كما يمتنع الرجل من الطعام و الشراب. 
بحار ج 93 ص 249

10ـ قال اميرالمومنين عليه السلام 
صوم القلب خير من صيام اللسان و صوم اللسان خير من صيام البطن. 
غرر الحكم، ج 1، ص 417، ح 80

11ـ قال الصادق عليه السلام 
اذا صمت فليصم سمعك و بصرك و شعرك و جلدك. 
الكافى ج 4 ص 87، ح 1

12ـ عن فاطمه الزهرا سلام الله عليها 
ما يصنع الصائم بصيامه اذا لم يصن لسانه و سمعه و بصره و جوارحه. 
بحار، ج 93 ص 295

13ـ قال الباقر عليه السلام 
لا صيام لمن عصى الامام و لا صيام لعبد ابق حتى يرجع و لا صيام لامرأة ناشزة حتى تتوب و لاصيام لولد عاق حتى يبر. 
بحار الانوار ج 93، ص .295

14ـ قال اميرالمومنين عليه السلام 
كم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع و الظمأ و كم من قائم ليس له من قيامه الا السهر و العناء. 
نهج البلاغه، حكمت 145

15ـ عن الصادق عليه السلام فى قول الله عزوجل 
«واستعينوا بالصبر و الصلوة»
قال: الصبر الصوم. 
وسائل الشيعه، ج 7 ص 298، ح 3

16ـ قال الصادق عليه السلام 
صدقه درهم افضل من صيام يوم. 
وسائل الشيعه، ج 7 ص 218، ح 6

17ـ قال رسول الله صلى الله عليه و آله: قال الله تعالى 
الصوم لى و انا اجزى به 
وسائل الشيعه ج 7 ص 294، ح 15 و 16 ؛ 27 و 30

18ـ قال رسول الله صلى الله عليه و آله 
من منعه الصوم من طعام يشتهيه كان حقا على الله ان يطعمه من طعام الجنة و يسقيه من شرابها . 
بحار الانوار ج 93 ص 331

19ـ قال رسول الله صلى الله عليه و آله 
طوبى لمن ظمأ او جاع لله اولئك الذين يشبعون يوم القيامة 
وسائل الشيعه، ج 7 ص 299، ح‏ .2

20ـ قال الصادق عليه السلام 
من صام لله عزوجل يوما فى شدة الحر فاصابه ظمأ و كل الله به الف ملك يمسحون وجهه و يبشرونه حتى اذا افطر. 
الكافى، ج 4 ص 64 ح 8؛ بحار الانوار ج 93 ص  247

الاثنين، 8 يوليو 2013

الهجوم على دار فاطمة الزهراء عليها السلام وما ترتب عليه

الهجوم على دار فاطمة الزهراء عليها السلام وما ترتب عليه

سيدة نساء العالمين عليها السلام
علي موسى الكعبي 

مضى أبو بكر وعمر وأبو عبيدة إلى سقيفة بني ساعدة ، ولم يبق حول جثمان 
الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ أقاربه ومواليه ، وهم الذين تولوا غسله وتكفينه وإدخاله قبره ومواراته ، وهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وعمه العباس رضي الله عنه وابناه الفضل وقثم ، واُسامة بن زيد مولاه ، وقيل : شقران ، أو صالح مولاه صلى الله عليه وآله وسلم (1) .

فارتفعت الأصوات في السقيفة وكثر اللغط بين المهاجرين والأنصار ، ثم إن عمر بن الخطاب ضرب على يد أبي بكر فبايعه الناس ، ثم أتوا به المسجد يبايعونه ، فسمع العباس وعلي عليهما السلام التكبير في المسجد ولم يفرغوا من غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2) .

وكان عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أن عليّاً عليه السلام هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3) ، فتخلّف قوم من المهاجرين والأنصار وجمهور الهاشميين عن بيعة أبي بكر ، وكان منهم : العباس بن عبدالمطلب ، والفضل بن العباس ، والزبير بن العوام ، وخالد بن سعيد ، والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والبرّاء بن عازب ، وأُبي بن كعب ، وعتبة بن أبي لهب ، وغيرهم (4) ، وروي أنّهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليّاً عليه السلام (5) . 
وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد اعتزل الناس بعد أن فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعكف على جمع القرآن الكريم بعهدٍ من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وروي أنّه عليه السلام قال : « لا أرتدي حتى أجمعه » ، وقالوا : إنّه لم يرتدِ إلاّ للصلاة حتى جمعه (6) . 
وفي تلك الاثناء بلغ أبو بكر أن جماعة منهم العباس قد اجتمعوا مع علي ابن أبي طالب عليه السلام في منزل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبعث إليهم عمر بن الخطاب ، وخالد بن الوليد في رجالٍ من الأنصار ونفرٍ من المهاجرين أرسلهم أبو بكر رِدءاً لهما ، كزياد بن لبيد الأنصاري ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأُسيد بن حُضير ، ومسلمة بن سلامة بن وقش ، ومحمد بن مسلمة ، وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي ، وسلمة بن أسلم (7) ، والمغيرة بن شعبة ، وسالم مولى أبي حذيفة (8) . 
فجاء عمر بن الخطاب فناداهم وهم في دار علي عليه السلام : لتخرجنّ إلى البيعة أو لاُحرقنّها على من فيها! فقيل له : يا أبا حفص؟ إنّ فيها فاطمة! فقال : وإن (9) !! . 
فلمّا سمعت فاطمة عليها السلام أصواتهم نادت بأعلى صوتها : « يا أبتِ يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟! » فلمّا سمع القوم صوتها وبكائها انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم وأكبادهم تنفطر ، وبقي عمر ومعه قوم (10) ، فاقتحموا الدار ، فصاحت فاطمة عليها السلام وناشدتهم الله (11) ، وجعلت تبكي وتصيح (12) . 
وخرج إليهم الزبير مصلتاً سيفه ، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر ، فندر السيف من يده ، فضرب به عمر الحجر فكسره (13) ، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقاً عنيفاً (14) . 
وروي أنّهم قالوا : ليس عندنا معصية ولا خلاف . . وإنما اجتمعنا لنؤلف القرآن في مصحف واحد ، ثم بايعوا أبا بكر (15) . 
واجتمع الناس ينظرون ، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة عليها السلام ما صنع عمر ، فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثيرة من الهاشميات وغيرهنّ ، فخرجت إلى بابها ، وقالت : « يا أبا بكر ، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله! والله لا أُكلّم عمر حتى ألقى الله » (16) . 
وقالت عليها السلام : « لا عهد لي بقومٍ حضروا أسوأ محضرٍ منكم ، تركتم رسول الله جنازةً بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا ولم تروا (17) لنا حقاً (18) ، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خمّ ، والله لقد عقد له يومئذ الولاء ، ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ، ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم ، والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة » (19) . 
وأخرجوا عليّاً عليه السلام ومضوا به إلى أبي بكر ، فقال له عمر : بايع . فقال عليه السلام : « إن أنا لم أفعل فمه ؟ » قال عمر : إذن والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك !
فقال : « إذن تقتلون عبد الله وأخو رسوله » . قال عمر : أما عبدالله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا (20) ، وأبو بكر ساكت . فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال : لا أُكرهه على شيءٍ ما كانت فاطمة إلى جنبه (21) . 
ولم يبايع عليٌّ أبا بكر حتى ماتت فاطمة عليها السلام بعد ستة أشهر ، فلمّا ماتت عليها السلام ضرع إلى صلح أبي بكر (22) . 

آثار الهجوم وما ترتب عليه : 
اندفع القوم إلى بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرعوا لها حرمة ، ولا لاَبيها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ذمّة ، وقد رافق الهجوم على الدار بعض الأحداث المخالفة للشرع والدين والضمير والوجدان والأعراف والسجايا الانسانية ، وكلّها مصاديق تحكي قصة الانقلاب على الأعقاب والإحداث بعد غياب الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن تلك الأحداث : 
1 ـ إحراق البيت : 
ثبت إحراق البيت المقدس من طريق الفريقين ، فقد روي أنّهم جمعوا الحطب الجزل حول بيت الزهراء عليها السلام ، وأضرموا النار في بابه ، حتى أخذت النار في خشب الباب (23) . 
وروى الثقفي بالاسناد عن حمران بن أعين ، عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « والله ما بايع علي حتى رأى الدخان قد دخل بيته » (24) . 
وقال المسعودي : فأقام أمير المؤمنين عليه السلام ومن معه من شيعته في منزله بما عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فوجّهوا إلى منزله ، فهجموا عليه وأحرقوا بابه ، واستخرجوه منه كُرهاً (25) . 
وقد بلغ من اشتهار هذا الأمر أن سجّله كثير من الشعراء منذ القرون الأولى وإلى اليوم ، ومنهم عبدالله بن عمار البرقي ت 245 هـ حيث قال : 

وكلّلا النار من نبتٍ ومن حطبٍ * والمضرمـان لمـن فيه يسبّانِ
وليس في البيت إلاّ كلّ طـاهرةٍ * من النساء وصدّيق وسبطانِ (26) 
وقال علاء الدين الحلي المقتول سنة 786 هـ : 
وأجمعوا الأمر فيما بينهـم غـوت * لهـم أمـانيهـم والجهـل والأملُ
أن يحرقوا منزل الزهراء فاطمـة * فيـالـه حـادث مستصعـب جَلَلُ
بيت به خمسة جبريـل سادسهـم * من غير ما سبب بالنار يشتعلُ (27) 
ووردت الأخبار بهذا المضمون من طرق العامة أيضاً ، فقد ذكر السيد المرتضى رضي الله عنه أن خبر الإحراق قد رواه غير الشيعة ممن لايتهم على القوم (28) ، وفي ما يلي بعض رواياتهم : 
روى البلاذري عن سليمان التيمي وعبدالله بن عون أنهما قالا : إنّ أبا بكر أرسل إلى علي عليه السلام يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة ، فتلقّته فاطمة عليها السلام على الباب . فقالت فاطمة عليها السلام : يابن الخطاب ، أتراك محرقاً عليّ بابي؟ قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك (29) . 
وذكر ابن عبد ربه الذين تخلفوا عن البيعة لاَبي بكر : علي عليه السلام والعباس ، والزبير ، وسعد بن عبادة ، قال : فأمّا علي عليه السلام والعباس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة عليها السلام ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم . فأقبل بقبسٍ من نار على أن يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة عليها السلام فقالت : يابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة (30) . 
وقد سجّل شاعر النيل حافظ إبراهيم هذه المكرمة لعمر بن الخطاب حيث قال : 
وقـولـةٍ لعلـي قالهـا عمـرُ * أكـرم بسـامعها أعظـم بملقيهـا
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بهـا * إن لم تبايع وبنت المـصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها * أمام فارس عدنـان وحـاميها (31) 
وليته لم يَفُه بها ، فإنّها كانت سُبّة له وموبقة عظيمة لا تفارقه أبداً ، حتّى يلقى الله تعالى وبنت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم غضبى عليه ، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم حرب عليه ، لاَنّه صلى الله عليه وآله وسلم حربٌ لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم (32) . 
وظنّ شاعر النيل أنّ ذلك كان من شجاعة عمر ، وفات عنه أنّه لم تثبت لعمر قدم في المقامات المشهورة كما لم تروَ له صولة ولم تعرف عنه جولة ، 
فهو الذي عاد في خيبر يُجبّن أصحابه ويجبّنونه (33) ، فما كانت الراية والفتح وقتل صناديد الكفر لتليق إلاّ بمن يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، الكرار غير الفرار ، علي أمير المؤمنين عليه السلام (34) . 
كما فات عنه أنّ صبر أمير المؤمنين عليه السلام على القوم ما كان إلاّ بعهدٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له بالصبر عند خذلان الاُمّة (35) ، وأنّه عليه السلام كان يقول واصفاً حاله بعد البيعة : « فنظرتُ فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي ، فضننتُ بهم عن الموت ، وأغضيتُ على القذى ، وشربت على الشجا ، وصبرت على أخذ الكظم وعلى أمرّ من طعم العلقم » (36) . 
وقال عليه السلام : « وطفقت أرتئي بين أن أصول بيدٍ جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرتُ وفي العين قذىً ، وفي الحلق شجىً ، أرى تراثي نهباً . . . » (37) . 
وخلاصة القول إنّه عليه السلام آثر بقاء الإسلام الذي نذر حياته وخاض الغمرات لاَجله ، فنراه في أحرج المواقف التي واجهته بعد البيعة كان يقول : 
« سلامة الدين أحبُّ إلينا من غيره » (38) . 

الاحراق ذريعة للظلم : 
إنّ إحضار الحطب حول بيت القدس والطهارة من قبل رجال الخلافة وإذكاء النار في بابه لانتزاع البيعة من أمير المؤمنين عليه السلام قد صار ذريعة للظالمين وسُنّة لطواغيت الاُمّة على طول التاريخ ، فقد روى المؤرخون أنّ عروة بن الزبير كان يعذر أخاه عبدالله في حصر بني هاشم في الشعب ، وجمعه الحطب ليحرقهم ، وكان يقول : إنّما أراد بذلك ألاّ تنتشر الكلمة ، ولا يختلف المسلمون ، وأن يدخلوا في الطاعة ، فتكون الكلمة واحدة ، كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لمّا تأخروا عن بيعة أبي بكر ، فانّه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار (39) . 
2 ـ إيذاء الزهراء عليها السلام بالضرب والاسقاط : 
وكان من امتدادات ذلك الهجوم أن تعرّض القوم لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالضرب ممّا أدى إلى إسقاط جنينها ، فشكت من أثر ذلك الضرب حتى التحقت بربها شهيدة مظلومة ، وقد استفاضت الروايات بذلك وثبت عند أعلام الطائفة . 
قال الشيخ الطوسي رضي الله عنه : وقد روي أنّهم ضربوها بالسياط ، والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة أن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت ، فسمّي السقط محسناً (40) ، والرواية بذلك مشهورة عندهم (41) ، وقد نقلها عنهم المخالفون أيضاً (42) . 
ونقل الشيخ ابن شهرآشوب عن (المعارف) لابن قتيبة أنّ المحسن سقط من زخم (43) قنفذ العدوي (44) الذي أمره عمر بضرب الزهراء عليها السلام . 
وكان من آثار ذلك الضرب أن مرضت الزهراء عليها السلام ولازمت فراشها حتى التحقت بربها ، كما أخبر بذلك أولاد الزهراء عليهم السلام (45) ، وقد أطبقت كلمتهم على أنّها ماتت شهيدةً مظلومة ، فعن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال : « إنّ فاطمة صدّيقة شهيدة » (46) ، وجاء في زيارتها عليها السلام : السلام عليكِ أيتها البتول الشهيدة الطاهرة (47) . والسلام عليكِ أيتها الصديقة الشهيدة (48) .
ومما يدلّ على شيوع هذا الأمر وشهرته هو أن تناوله الشعراء مندّدين به مزرين على فاعله ، وذلك منذ القرون الاُولى وإلى اليوم ، قال السيد الحميري المتوفى 173 هـ : 
ضربت واهتضمت مـن حقّها * واُذيقت بعـده طعـم السَّلع (49) 
قطـع الله يـدي ضـاربهـا * ويـد الراضي بذاك المتّبع (50) 
وقال القاضي النعمان المتوفى سنة 363 هـ في أرجوزته المختارة : 
حتى أتوا باب البتول فاطمهْ * وهـي لهـم قالية مصارمهْ
فوقفت مـن دونه تعـذلهم * فكسـر البـاب لهـم أوّلهم
فاقتحموا حجابها فأعـولتْ * فضربوهـا بينهم فأسقطتْ

إلى أن قال : 
وقتلهـم فـاطمة الزهـراءِ * أضرم حرّ النار في أحشائي
لاَنّ في المشهور عند الناسِ * بأنَّها ماتت مـن النفاسِ (51) 
وقال الأمير علي بن مقرب الاحسائي المتوفّى سنة 629 هـ : 
ياليت شعري فمن أنوح منهم * ومـن له ينهلّ فيض أدمعي
أللوصـي حين فـي محرابه * عمّم بـالسيف ولمّا يـركعِ
أم للبتول فـاطـم إذ منعت * عن إرثها الحق بأمر مجمعِ
إلى أن قال : 
ولـم تزل مهضومة مظلومـة * بردّ دعواها ورضِّ الأضلعِ (52) 
ونقل ذلك من غير طرق الشيعة ، فعن محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ ، في ترجمة أحمد بن محمد السري بن يحيى بن السري ابن أبي دارم ، قال : كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثمّ في آخر أيامه كان أكثر مايقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه أنّ عمر رفس فاطمة عليها السلام حتى أسقطت محسناً (53) . 
وعن إبراهيم بن سيار النظام ، قال : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها (54) ، وكان يصيح : احرقوا دارها بمن فيها ، وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (55) . 
ونقل البغدادي والمقريزي عن النظام أنه قال : إنّ عمر ضرب فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنع ميراث العترة (56) . 
ولا ندري كيف يجعل مرتكب مثل هذه الاُمور الفضيعة نفسه إماماً للاُمّة ، وفي موقع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ويؤتمن على الدين والإنسان والأخلاق وأموال الناس وأعراضهم ، ويوفّر لهم الكرامة والعزّة ، ويربّي الناس على الفضيلة والدين والأخلاق؟!
ثم إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحبّ من يبغض فاطمة ، ولو بكلمة واحدة ، فلماذا يُلام محبّو فاطمة عليها السلام على بغض قاتلها؟
اعتراف أبي بكر بالهجوم : 
إنّ التجاوز على حرمة بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإدخال الرجال فيه ، وهتك حرمته المقدسة ، قد صرّح به أبو بكر في لحظاته الأخيرة ، وفي ذلك دلالة قاطعة على حدوث هذا الهجوم وما رافقه من أحداث أليمة ، وعلى خطأ أبي بكر في الايعاز إلى جنده بقيادة ابن الخطاب للقيام بذلك العمل المنافي لاَبسط حقوق الزهراء ، والمؤدي إلى غضب الله تعالى ورسوله الكريم وصالح المؤمنين . 
عن عبدالرحمن بن عوف : أنّه سمع أبا بكر يقول في مرضه الذي توفي فيه : وددت أني لم أكن فتّشت بيت فاطمة وأدخلته الرجال ، ولو كان أُغلق على حرب . وفي رواية : ليتني لم أكن كشفت بيت فاطمة عن شيءٍ ، وتركته ولو أُغلق على حرب (57) . 
البيعة تأصيل للغدر وذريعة للظلم : 
إنّ البيعة التي لاَجلها كان الهجوم على دار الزهراء عليها السلام مغرس الإسلام ومهبط الوحي ، هي مصداق للانقلاب والإحداث في الإسلام وتجسيد لنزعة الغدر والعدوان في هذه الاُمّة ، وهذا ما أعلم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيَّه أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد روى الجوهري بالاسناد عن حبيب بن ثعلبة ، قال : سمعت عليّاً عليه السلام يقول : « أما وربّ السماء والأرض ـ ثلاثاً ـ إنّه لعهد النبي الاُمي صلى الله عليه وآله وسلم إليّ : لتغدرنّ بك الاُمّة من بعدي » (58) . 
فالبيعة لا تمتلك أدنى المقومات الشرعية ، ولم تتحصّن بأيّ سبب معقول أو منقول ، بل كانت كما وصفها أبو بكر (59) وعمر (60) : فلتةً وقى الله شرّها ، والحقّ أنّ شرها كان مستطيراً ، فهي حجر الزاوية لكلِّ مظلمة حدثت في التاريخ ، والذريعة لكلِّ من ظلم أهل البيت عليهم السلام من طواغيت الاُمّة وجبابرتها ، ويتضح ذلك جلياً في كتاب معاوية إلى محمد بن أبي بكر قبل حرب صفين حيث جاء فيه : فقد كنّا وأبوك نعرف فضل ابن أبي طالب وحقّه لازماً لنا مبروراً علينا (61) فلما اختار الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم ما عنده ، وأتمّ وعده ، وأظهر دعوته ، وأفلج حجّته ، وقبضه الله إليه ، كان أبوك والفاروق أول من ابتزّه حقّه ، وخالفه على أمره ، على ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثم إنّهما دعواه إلى بيعتهما ، فأبطأ عنهما وتلكّأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، وأرادا به العظيم ... فإن يكن ما نحن فيه صواباً ، فأبوك أوله ، وإن يكن جوراً ، فأبوك أُسّه ، ونحن شركاؤه ، فبهديه أخذنا ، وبفعله اقتدينا ، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له ، ولكنّا رأينا أباك فعل ذلك ، فاحتذينا بمثاله ، وأقتدينا بفعاله (62) . 
فالبيعة إذن كانت اتفاقاً سرياً ، فعلى الرغم من أنهم كانوا يعرفون فضل أمير المؤمنين عليه السلام وحقه لازماً عليهم ، لكنهم اتفقوا واتسقوا على أن يبتزّوه حقه ويخالفوه على أمره . 
روى الجوهري عن ابن عباس أن عمر قال له ليلة الجابية : إنّ أول من ريّثكم عن هذا الأمر أبو بكر ، إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوة . قال : قلت : لمَ ذاك يا أمير المؤمنين؟ ألم نُنِلهُم خيراً؟! قال : بلى ، ولكنّهم لو فعلوا لكنتم عليهم جَحْفاً جَحْفاً (63) . 
وذلك الاتفاق يهدف إلى إقصاء عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أداء دورهم الرسالي ، وهضم حقوقهم ، والاستيلاء على الملك ، مهما كانت الوسائل ، وحتى لو انتهت بقتل أمير المؤمنين عليه السلام (وأرادا به العظيم) (64) كما قتلوا سعد ابن عبادة ، الذي ذهب إلى الشام مهاجراً ومغاضباً لاَصحاب السقيفة بعد أن هتف عمر أمام المهاجرين والأنصار : اقتلوه قتله الله ، فإنّه صاحب فتنة (65) ، ثم بعث رجلاً إلى الشام ، فرماه بسهم فقتله (66) . 
وما كان اهتمام عمر بانتزاع البيعة بشتى الوسائل ، وإن أدى إلى القتل والتحريق ، إلاّ إمضاءً لذلك الاتفاق وحرصاً على تحقيق كامل أهدافه . 
عن ابن عباس ، قال : بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي عليه السلام حين قعد في بيته ، وقال : ائتني به بأعنف العنف ، فلمّا أتاه جرى بينهما كلام ، فقال علي عليه السلام : احلب حلباً لك شطره ، والله ما حرصك على إمارته اليوم إلاّ ليؤمّرك غداً (67) . وفي رواية : أشدد له اليوم أمره ليردّ عليك غداً (68) . 
ولهذا كشفت الزهراء عليها السلام عن موقفها من سلطة السقيفة أمام الملأ حينما 


لعن الله ظالميكِ وقاتلكِ وغاصبي حقكِ ياسيدتي ومولاتي
____________
1) الطبقات الكبرى | ابن سعد 2 : 277 ـ 278 . والعقد الفريد | ابن عبد ربه 3 : 296 ، المكتبة التجارية ـ مصر . وتاريخ الإسلام | الذهبي 1 : 575 ـ 576 . وتاريخ الطبري 3 : 213 . 
2) العقد الفريد | ابن عبد ربه 5 : 10 ـ 11 . 
3) الموفقيات | الزبير بن بكار : 580 | 380 عن محمد بن اسحاق . وتاريخ اليعقوبي 2 : 124 . وشرح ابن أبي الحديد 6 : 21 . 
4) تاريخ اليعقوبي 2 : 124 . وتاريخ أبي الفداء 2 : 63 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 49 . 
5) شرح ابن أبي الحديد 2 : 56 . 
6) اُنظر : الاتقان | السيوطي 1 : 204 . والطبقات الكبرى | ابن سعد 2 : 338 . ومناهل العرفان 1 : 247 . وكنز العمال 2 : 588 | 4792 . وشرح ابن أبي الحديد 1 : 27 و 2 : 56 . 
7) راجع : مستدرك الحاكم 3 : 66 . وسنن البيهقي 8 : 152 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 50 و 51 و 56 و 57 ، و 6 : 11 و 47 و 48 . 
8) الجمل | الشيخ المفيد : 117 . 
9) الإمامة والسياسة | ابن قتيبة 1 : 12 . 
10) الإمامة والسياسة | ابن قتيبة 1 : 13 . وأعلام النساء | كحالة 4 : 114 ـ 115 . 
11) شرح ابن أبي الحديد 2 : 50 ، و 6 : 47 . 
12) شرح ابن أبي الحديد 2 : 56 . 
13) وفي رواية الطبري 3 : 202 أنّ الزبير عثر فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه . وروي أنّ الذي أخذ سيف الزبير وكسره هو محمد بن مسلمة . راجع مستدرك الحاكم 3 : 66 . وسنن البيهقي 8 : 152 . وكنز العمال 5 : 597 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 51 ، و 6 : 48 . وفي ج6 ص11 منه أنّه سلمة بن أسلم . 
14) شرح ابن أبي الحديد 2 : 56 ، و 6 : 48 . 
15) شرح ابن أبي الحديد 2 : 56 . 
16) السقيفة وفدك | الجوهري : 73 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 57 ، و 6 : 49 . 
17) في الإمامة والسياسة : ولم تردّوا . 
18) الإمامة والسياسة 1 : 13 . والأمالي | الشيخ المفيد : 49 | 9 . والاحتجاج | الطبرسي : 80 . 
19) الاحتجاج | الطبرسي : 80 . 
20) وهو ردّ على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقد صحّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لعلي عليه السلام : « أنت أخي في الدنيا والآخرة » ، راجع : سنن الترمذي 5 : 636 | 3720 . ومسند أحمد 1 : 230 . ومستدرك الحاكم 3 : 14 . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أنت أخي وأنا أخوك ، فإن ذاكرك أحد فقل : أنا عبدالله وأخو رسوله ، لايدّعيها بعدك إلاّ كاذب » ، راجع : فضائل الصحابة | أحمد بن حنبل 2 : 617 | 1055 . وتذكرة الخواص | سبط ابن الجوزي : 22 . 
21) الإمامة والسياسة | ابن قتيبة 1 : 13 . والآية من سورة الأعراف : 7 | 150 . 
22) أنساب الأشراف | البلاذري 2 : 268 ، دار الفكر ـ بيروت . 
23) الهداية الكبرى | الخصيبي : 407 . وبحار الأنوار 43 : 197 | 29 ، و 53 : 18 . 
24) تلخيص الشافي | الطوسي 3 : 76 . وبحار الأنوار 28 : 390 . 
25) إثبات الوصية | المسعودي : 124 ، المطبعة الحيدرية ـ النجف . وبحار الأنوار 28 : 308 | 50 . 
26) الصراط المستقيم | البياضي 3 : 13 . 
27) الغدير 6 : 391 . 
28) الشافي | السيد المرتضى 4 : 119 . 
29) أنساب الأشراف 2 : 268 ، دار الفكر ـ بيروت . والشافي | السيد المرتضى 3 : 241 . وتلخيص الشافي | الطوسي 3 : 67 . 
30) العقد الفريد | ابن عبد ربه 5 : 12 . والمختصر في أخبار البشر | أبو الفداء 2 : 64 . 
31) الديوان 1 : 75 ، دار الكتب المصرية ـ القاهرة . 
32) سنن الترمذي 5 : 699 | 3870 . ومستدرك الحاكم 3 : 149 . ومسند أحمد 2 : 442 . ومسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 44 . 
33) مستدرك الحاكم 3 : 37 . وتاريخ الطبري 3 : 12 . 
34) صحيح البخاري 5 : 87 | 197 و 198 ـ كتاب الفضائل ، و5 : 279 | 231 ـ كتاب المغازي . وصحيح مسلم 4 : 1871 | 32 ـ 34 ـ كتاب الفضائل . ومسند أحمد 1 : 185 ، و5 : 358 . ومستدرك الحاكم 3 : 109 . 
35) راجع : الاحتجاج | الطبرسي : 75 . 
36) نهج البلاغة | صبحي الصالح : 68 الخطبة 26 . 
37) نهج البلاغة | صبحي الصالح : 48 الخطبة 3 . 
38) الموفقيات | الزبير بن بكار : 581 عن محمد بن إسحاق . وشرح ابن أبي الحديد 6 : 21 . 
39) مروج الذهب | المسعودي 3 : 77 . وشرح ابن أبي الحديد 20 : 147 . ومقاتل الطالبيين | أبو الفرج : 315 . 
40) وهو الابن الثالث لاَمير المؤمنين عليه السلام من الزهراء عليها السلام ، وقد جاء في الروايات والأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر بتسميته محسناً وهو حمل في بطن أُمّه . راجع : الكافي | الكليني 6 : 18 | 2 . والخصال | الصدوق : 634 . والإرشاد 1 : 355 . 
وذكره العامّة أيضاً وقالوا : انّه مات صغيراً . راجع : تاريخ الطبري 5 : 153 . والكامل | ابن الأثير 3 : 397 . وأنساب الأشراف | البلاذري 2 : 411 . والإصابة 3 : 471 . وميزان الاعتدال | الذهبي 1 : 139 . ولسان الميزان | ابن حجر 1 : 268 . 
41) تلخيص الشافي 3 : 156 . وراجع أيضاً الاختصاص : 85 . وكتاب سليم : 37 . والهداية الكبرى | الخصيبي : 179 . وبحار الأنوار 30 : 239 ـ 240 ، و43 : 197 | 29 . 
42) البدء والتاريخ | المقدسي 5 : 20 . وشرح ابن أبي الحديد الحنفي المعتزلي 2 : 60 . 
43) الزخم : الدفع الشديد . 
44) المناقب 3 : 358 . وقنفذ هو ابن عمير التيمي ، ذكره ابن الأثير وابن حجر وقالا : له صحبة ، وولاه عمر مكّة ثمّ صرفه . راجع : أُسد الغابة 4 : 208 . والإصابة 3 : 241 . والذي في المعارف المطبوع في دار الكتب المصرية سنة 1379 هـ ص211 : وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير ، وقد جاء في كثير من الروايات أنّه تعرّض للزهراء عليها السلام بالضرب عندما أحالت بين القوم وبين أمير المؤمنين عليه السلام . راجع : الاحتجاج | الطبرسي : 83 . وكتاب سُليم : 38 و 40 . ودلائل الإمامة | الطبري : 134 . وبحار الأنوار 43 : 170 و 198 | 29 . 
45) راجع : الاحتجاج | الطبرسي : 83 . ودلائل الإمامة | الطبري : 134 . وكتاب سُليم : 40 . ودعائم الإسلام 1 : 232 . وبحار الأنوار 43 : 170 | 11 و 198 | 29 . 
46) الكافي 1 : 458 | 2 . 
47) المزار | المفيد : 156 . والمقنعة | المفيد : 459 . وبحار الأنوار 100 : 197 | 14 ، و198 | 16 . 
48) التهذيب | الطوسي 6 : 10 | 12 . والبلد الأمين | الكفعمي : 178 . 
49) السَّلع : شجر مرّ ، ويقال : أمرّ من السَّلع . 
50) الصراط المستقيم 3 : 13 . 
51) الارجوزة المختارة : 88 | 92 ـ طبع سنة 1970 م ـ معهد الدراسات الإسلامية ـ كندا . 
52) إثبات الهداة | الحر العاملي 4 : 1412 . وأدب الطف 4 : 32 . 
53) سير أعلام النبلاء | الذهبي 15 : 578 . وميزان الاعتدال | الذهبي 1 : 139 | 552 . ولسان الميزان | ابن حجر 1 : 268 | 824 . 
54) الوافي بالوفيات | الصفدي 6 : 17 . 
55) الملل والنحل | الشهرستاني 1 : 57 . 
56) الفرق بين الفرق | البغدادي : 148 ، دار المعرفة . والخطط | المقريزي 2 : 346 ـ دار صادر . 
57) المعجم الكبير | الطبراني 1 : 62 | 43 . وتاريخ الطبري 3 : 430 حوادث سنة (13 هـ) . ومروج الذهب | المسعودي 2 : 301 . وتاريخ اليعقوبي 2 : 137 . والعقد الفريد 5 : 19 . وكنز العمال 5 : 632 | 14113 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 46 ـ 47 ، و 6 : 51 . ومجمع الزوائد 5 : 203 . وميزان الاعتدال | الذهبي 3 : 109 | 5763 . ولسان الميزان 4 : 189 | 502 . ومسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 17 ، 34 ، 35 . 
58) شرح ابن أبي الحديد 6 : 45 . 
59) أنساب الأشراف | البلاذري 2 : 264 . 
60) شرح ابن أبي الحديد 6 : 47 . 
61) وكان عمر بن الخطاب يعلم أيضاً يقيناً بمقام علي عليه السلام ، فقد روى الجوهري عن ابن عباس ، قال : إنّ عمر يشهد أن عليّاً عليه السلام أولى الناس بالأمر بعد رسول الله . شرح ابن أبي الحديد 2 : 57 و6 : 50 . 
62) وقعة صفين | نصر بن مزاحم : 120 . وشرح ابن أبي الحديد 3 : 190 . ومروج الذهب 3 : 12 . 
63) شرح ابن أبي الحديد 2 : 58 . وقوله : جحفاً جحفاً : أي فخراً وشرفاً . 
64) وقد مرّ بك قول عمر له عليه السلام : إذن والله نقتلك ، وقول أبي بكر لعمر : إن أبوا فقاتلهم وكذا في شورى عثمان ، هدّده عبدالرحمن بن عوف بالقتل إن لم يبايع . 
65) تاريخ الطبري 3 : 206 . وأنساب الأشراف 2 : 263 . 
66) العقد الفريد 5 : 13 . 
67) أنساب الأشراف 2 : 269 .

" احتجاج أمير المؤمنين (ع) على أبي بكر وعمر لما منعا فاطمة الزهراء (ع) فدك " .


" احتجاج أمير المؤمنين ( ع ) على أبي بكر وعمر لما منعا فاطمة الزهراء ( ع ) فدك بالكتاب والسنة " . 

عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما بويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة عليها السلام بنت رسول الله منها ، فجاءت فاطمة الزهراء عليها السلام إلى أبي بكر ثم قالت لم تمنعني ميراثي من أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر الله تعالى ؟

فقال : هاتي على ذلك بشهود .

فجاءت بأم أيمن ، فقالت له أم أيمن : لا أشهد يا أبا بكر حتى احتج عليك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، أنشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال " أم أيمن امرأة من أهل الجنة ( 1 ) " فقال : بلى . 

قالت " فأشهد : أن الله عز وجل أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله " وآت ذا القربى حقه " فجعل فدكا لها طعمة بأمر الله ، فجاء علي عليه السلام فشهد : بمثل ذلك فكتب لها كتابا ودفعه إليها. 

فدخل عمر فقال : ما هذا الكتاب ؟ فقال : إن فاطمة عليها السلام ادعت في فدك ، وشهدت لها أم أيمن وعلي عليه السلام ، فكتبته لها ، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فتفل فيه ومزقه فخرجت فاطمة عليها السلام تبكي. 

فلما كان بعد ذلك جاء علي عليه السلام إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار فقال : يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ وقد ملكته في حياة رسول الله ( ص ). 

فقال أبو بكر : هذا فيئ للمسلمين ، فإن أقامت شهودا أن رسول الله جعله لها وإلا فلا حق لها فيه. 

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين .

قال : لا . 

قال : فإن كان في يد المسلمين شئ يملكونه ، ثم ادعيت أنا فيه من تسأل البينة ؟ 

قال : إياك أسأل البينة. 

قال : فما بال فاطمة سئلتها البينة على ما في يديها ؟ وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده ، ولم تسئل المسلمين بينة على ما ادعوها شهودا ، كما سألتني على ما ادعيت عليهم ؟ 

فسكت أبو بكر فقال عمر : يا علي دعنا من كلامك . فإنا لا نقوى على حجتك ، فإن أتيت بشهود عدول ، وإلا فهو فيء للمسلمين لا حق لك ولا لفاطمة فيه. 

فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا أبا بكر تقرء كتاب الله ؟ 

قال : نعم . 

قال : أخبرني عن قول الله عز وجل : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فيمن نزلت فينا أم في غيرنا ؟ 

قال : بل فيكم. 

قال : فلو أن شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله بفاحشة ما كنت صانعا بها ؟ 

قال كنت أقيم عليها الحد ، كما أقيمه على نساء المسلمين. 

قال : إذن كنت عند الله من الكافرين. 

قال : ولم. 

قال : لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة ، وقبلت شهادة الناس عليها ، كما رددت حكم الله وحكم رسوله ، أن جعل لها فدكا قد قبضته في حياته ، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها ، وأخذت منها فدكا ، وزعمت أنه فيء للمسلمين ، وقد قال رسول الله " ص " : البينة على المدعي : واليمين على المدعى عليه " فرددت قول : رسول الله " ص " : البينة على من أدعى ، واليمين على من ادعي عليه.

قال : فدمدم الناس وأنكروا ، ونظر بعضهم إلى بعض ، وقالوا : " صدق والله علي بن أبي طالب عليه السلام " ورجع إلى منزله . 

قال : ثم دخلت فاطمة المسجد ، وطافت بقبر أبيها ، وهي تقول :

قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها* واختل قومك فاشهدهم ولا تغب 
قد كان جبريل بالآيات يونسنا * فغاب عنافكل الخير محتجب 
وكنت بدرا ونورا يستضاء به * عليك ينزل من ذي العزة الكتب 
تجهمتنا رجال واستخف بنا * إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب 
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت * منا العيون بتهمال لها سكب 

قال : فرجع أبو بكر وعمر إلى منزلهما ، وبعث أبو بكر إلى عمر فدعاه ثم قال : له أما رأيت مجلس علي منا في هذا اليوم ؟ والله لئن قعد مقعدا آخر مثله ليفسدن علينا أمرنا ، فما الرأي ؟ فقال عمر : الرأي أن تأمر بقتله ، قال : فمن يقتله ؟ قال : " خالد بن الوليد ". 

فبعثوا إلى خالد فأتاهما ، فقالا : نريد أن نحملك على أمر عظيم ، قال : احملاني على ما شئتما ، ولو على قتل علي بن أبي طالب . 

قالا : فهو ذلك . 

قال خالد : متى أقتله ؟ 

قال أبو بكر : احضر المسجد وقم بجنبه في الصلاة ، فإذا سلمت فقم إليه واضرب عنقه. 

قال : نعم . 

فسمعت أسماء بنت عميس وكانت تحت أبي بكر . فقالت : لجاريتها اذهبي إلى منزل علي وفاطمة عليهما السلام ، واقرأيهما السلام ، وقولي لعلي " إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين " 

فجاءت فقال أمير المؤمنين عليه السلام " قولي لها : إن الله يحول بينهم وبين ما يريدون " . 

ثم قام وتهيأ للصلاة ، وحضر المسجد ، وصلى خلف أبي بكر ، وخالد بن الوليد يصلي بجنبه ، ومعه السيف ، فلما جلس أبو بكر في التشهد ، ندم على ما قال وخاف الفتنة ، وعرف شدة علي وبأسه ، فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم ، حتى ظن الناس أنه قد سهى . ثم التفت إلى خالد ، فقال : " يا خالد لا تفعلن ما أمرتك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " . 

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا خالد ما الذي أمرك به ؟ 

فقال أمرني بضرب عنقك . 

قال : أو كنت فاعلا ؟ قال : إي والله ، لولا أنه قال لي لا تقتله قبل التسليم لقتلتك . 

قال : فأخذه علي عليه السلام فجلد به الأرض ، فاجتمع الناس عليه ، فقال عمر يقتله ورب الكعبة ، فقال الناس ، يا أبا الحسن الله الله ، بحق صاحب القبر ، فخلى عنه ، ثم التفت إلى عمر ، فأخذ بتلابيبه وقال : يا بن صهاك والله لولا عهد من رسول الله ، وكتاب من الله سبق ، لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا ودخل منزله .

الخميس، 4 يوليو 2013

اما ان تكون نظرية "عدول الصحابة " خاطئة او ان عمر جباناً

المستدرك على الصحيحين المؤلف : محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى ، 1411 – 1990 تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا عدد الأجزاء : 4 مع الكتاب : تعليقات الذهبي في التلخيص [ جزء 3 - صفحة 40 ] ح 4340 ( أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو ثنا سعيد بن مسعود ثنا عبيد الله بن موسى ثنا نعيم بن حكيم عن أبي موسى الحنفي عن علي رضي الله عنه : قال :سار النبي صلى الله عليه و سلم إلى خيبر فلما أتاها بعث عمر رضي الله تعالى عنه و بعث معه الناس إلى مدينتهم أو قصرهم فقاتلوهم فلم يلبثوا أن هزموا عمر و أصحابه فجاءوا يجبنونه و يجبنهم فسار النبي صلى الله عليه و سلمالحديث هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه تعليق الذهبي في التلخيص : صحيح ).




المصنف في الأحاديث والآثار المؤلف : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي الناشر : مكتبة الرشد – الرياض الطبعة الأولى ، 1409 تحقيق : كمال يوسف الحوت عدد الأجزاء : 7 [ جزء 7 - صفحة 396 ] ح 36894 حدثنا عبيد الله قال حدثنا نعيم بن حكيم عن أبي مريم عن علي قالسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فلما أتاها بعث عمر ومعه الناس إلى مدينتهم أو إلى قصرهم فقاتلوهم فلم يلبثوا أن انهزم عمر وأصحابه فجاء يجبنهم ويجبنونه فساء ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأبعثن إليهم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يقاتلهم حتى يفتح الله له ليس بفرار فتطاول الناس لها ومدوا أعناقهم يرونه أنفسهم رجاء ما قال فمكث ساعة ثم قال أين علي فقالوا هو أرمد فقال ادعوه لي فلما أتيته فتح عيني ثم تفل فيهما ثم أعطاني اللواء فانطلقت به سعيا خشية أن يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حدثا أوفى حتى أتيتهم فقاتلتهم فبرز مرحب يرتجز وبرزت له أرتجز كما يرتجز حتى التقينا فقتله الله بيدي وانهزم أصحابه فتحصنوا وأغلقوا الباب فأتينا الباب فلم أزل أعالجه حتى فتحه الله.





كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال المؤلف : علي بن حسام الدين المتقي الهندي الناشر : مؤسسة الرسالة - بيروت 1989 م [ جزء 10 - صفحة 743 ] ح 30119 ( عن علي قال : سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فلما أتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمر ومعه الناس إلى مدينتهم وإلى قصرهم فقاتلوهم فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه فجاء يجبنهم ويجبنونه فساء ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لأبعثن عليهم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يقاتلهم حتى يفتح الله له ليس بفرار فتطاول الناس لها ومدوا أعناقهم يرونه أنفسهم رجاء ما قال فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة فقال : أين علي ؟ فقالوا : هو أرمد قال : ادعوه لي فلما أتيته فتح عيني ثم تفل فيها ثم أعطاني اللواء فانطلقت به سعيا خشية أن يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها حدثا أو في حتى أتيتهم فقاتلتهم فبرز مرحب يرتجز وبرزت له أرتجز كما يرتجز حتى التقينا فقتله الله بيدي وانهزم أصحابه فتحصنوا وأغلقوا الباب فأتينا الباب فلم أزل أعالجه حتى فتحه الله ( ش ) والبزار وسنده حسن).




مجمع الزوائد ومنبع الفوائد المؤلف : نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي الناشر : دار الفكر، بيروت - 1412 هـ عدد الأجزاء : 10 [ جزء 6 - صفحة 221 ] ح 10203( وعن علي عليه السلام قال : أتينا خيبر فلما أتاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمر ومعه الناس فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه فقال : " لأبعثن إليهم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يقاتلهم حتى يفتح الله له " . قال : فتطاول الناس لها ومدوا أعناقهم قال : فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة فقال : " أين علي ؟ " . فقالوا : هو أرمد قال : " ادعوه لي " فلما أتيته فتح عيني ثم تفل فيها ثم أعطاني اللواء قال : فانطلقت حتى أتيتهم فإذا فيهم مرحب يرتجز حتى التقينا ص . 222 فهزمه الله وانهزم أصحابه وتحصنوا وأغلق الباب فأتينا الباب فلم أزل أعالجه حتى فتحه الله رواه البزار وفيه نعيم بن حكيم وثقه ابن حبان وغيره وفيه لين).