الأحد، 27 سبتمبر 2015

خطبة النبي ( ص ) في غدير خم

الْحَمْدُ لله الَّذي عَلا في تَوَحُّدِهِ وَدَنا في تَفَرُّدِهِ وَجَلَّ في سُلْطانِهِ وَعَظُمَ في أَرْكانِهِ، وَأَحاطَ بِكُلِّ شَيْء عِلْماً وَهُوَ في مَكانِهِ، وَقَهَرَ جَميعَ الْخَلْقِ بِقُدْرَتِهِ وَبُرْهانِهِ، حَميداً لَمْ يَزَلْ، مَحْمُوداً لا يَزالُ وَمَجيداً لا يَزُولُ، وَمُبْدِئاً وَمُعيداً وَكُلُّ أَمْر إلَيْهِ يَعُودُ.بارِئُ الْمَسْمُوكاتِ وَداحِى الْمَدْحُوّاتِ وَجَبّارُ الأرضين وَالسَّماواتِ، قُدُّوسٌ سُبُّوحٌ، رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ، مُتَفَضِّلٌ عَلى جَميعِ مَنْ بَرَأَهُ، مُتَطَوِّلٌ عَلى جَميعِ مَنْ أَنْشَأَهُ. يَلْحَظُ كُلَّ عَيْن وَالْعُيُونُ لا تَراهُ. كَريمٌ حَليمٌ ذُو أَناة، قَدْ وَسِعَ كُلَّ شَيْء رَحْمَتُهُ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِنِعْمَتِهِ. لا يَعْجَلُ بِانْتِقامِهِ، وَلا يُبادِرُ إلَيْهِمْ بِمَا اسْتَحَقُّوا مِنْ عَذابِهِ. قَدْ فَهِمَ السَّرائِرَ وَعَلِمَ الضَّمائِرَ، وَلَمْ تَخْفَ عَلَيْهِ الْمَكْنُوناتُ وَلاَ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْخَفِيّاتُ. لَهُ الاْحاطَةُ بِكُلِّ شَيْء وَالْغَلَبَةُ عَلى كُلِّ شَيْء وَالْقُوَّةُ في كُلِّ شَيْء وَالْقُدْرَةُ عَلى كُلِّ شَيْء، وَلَيْسَ مِثْلَهُ شَيْءٌ. وَهُوَ مُنْشِئُ الشَّيْءِ حينَ لا شَيْءَ، دائِمٌ حَيٌّ وَقائِمٌ بِالْقِسْطِ، لا إلهَ إلاّ هُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ. جَلَّ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ. لا يَلْحَقُ أَحَدٌ وَصْفَهُ مِنْ مُعايَنَة، وَلا يَجِدُ أَحَدٌ كَيْفَ هُوَ مِنْ سِرٍّ وَعَلانِيَة، إلاّ بِما دَلَّ عَزَّ وَجَلَّ عَلى نَفْسِهِ. وَأَشْهَدُ أَنَّهُ اللهُ الَّذي ملأ الدَّهْرَ قُدْسُهُ، وَالَّذي يَغْشَى الأبد نُورُهُ، وَالَّذي يُنْفِذُ أَمْرَهُ بِلا مُشاوَرَةِ مُشير، وَلا مَعَهُ شَريكٌ في تَقْديرِهِ، وَلا يُعاوَنُ في تَدْبيرِهِ. صَوَّرَ مَا ابْتَدَعَ عَلى غَيْرِ مِثال، وَخَلَقَ ما خَلَقَ بِلا مَعُونَة مِنْ أَحَد وَلا تَكَلُّف وَلاَ احْتِيال.أَنْشَأَها فَكانَتْ، وَبَرَأَها فَبانَتْ. فَهُوَ اللهُ الَّذي لا إلهَ إلاّ هُوَ الْمُتْقِنُ الصَّنْعَةَ، الْحَسَنُ الصَّنيعَةُ، الْعَدْلُ الَّذي لا يَجُورُ، و الأكرم الَّذي تَرْجِعُ إلَيْهِ الأمور.
وَأَشْهَدُ أَنَّهُ اللهُ الَّذي تَواضَعَ كُلُّ شَيْء لِعَظَمَتِهِ، وَذَلَّ كُلُّ شَيْء لِعِزَّتِهِ، وَاسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْء لِقُدْرَتِهِ، وَخَضَعَ كُلُّ شَيْء لِهَيْبَتِهِ. مَلِكُ الأملاك وَمُفَلِّكُ الأفلاك وَمُسَخِّرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، كُلٌّ يَجْري لأجل مُسَمّى، يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلى اللَّيْلِ يَطْلُبُهُ حَثيثاً. قاصِمُ كُلِّ جَبّار عَنيد، وَمُهْلِكُ كُلِّ شَيْطان مَريد.لَمْ يَكُنْ لَهُ ضِدٌّ وَلا مَعَهُ نِدٌّ، أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْواً أَحَدٌ. إلهٌ واحِدٌ وَرَبُّ ماجِدٌ، يَشاءُ فَيُمْضي، وَيُريدُ فَيَقْضي، وَيَعْلَمُ فَيُحْصي، وَيُميتُ وَيُحْيي، وَيُفْقِرُ وَيُغْني، وَيُضْحِكُ وَيُبْكي، وَيُدْني وَيُقْصي، وَيَمْنَعُ وَيُعْطي، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ. يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، لا إلهَ إلاّ هُوَ الْعَزيزُ الْغَفّارُ. مُسْتَجيبُ الدُّعاءِ وَمُجْزِلُ الْعَطاءِ، مُحْصِي الأنفاس وَرَبُّ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ الَّذي لا يُشْكِلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلا يُضْجِرُهُ صُراخُ الْمُسْتَصْرِخينَ، وَلا يُبْرِمُهُ إلْحاحُ الْمُلِحّينَ. الْعاصِمُ لِلصّالِحينَ، وَالْمُوَفِّقُ لِلْمُفْلِحينَ، وَمَوْلَى الْمُؤْمِنينَ وَرَبُّ الْعالَمينَ ; الَّذي اسْتَحَقَّ مِنْ كُلِّ مَنْ خَلَقَ أَنْ يَشْكُرَهُ وَيَحْمَدَهُ عَلى كُلِّ حال.
أَحْمَدُهُ كَثيراً وَأَشْكُرُهُ دائِماً عَلَى السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ وَالشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، وَأُومِنُ بِهِ وَبِمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. أَسْمَعُ لأمره وَأُطيعُ وَأُبادِرُ إلى كُلِّ ما يَرْضاهُ وَأَسْتَسْلِمُ لِما قَضاهُ، رَغْبَةً في طاعَتِهِ وَخَوْفاً مِنْ عُقُوبَتِهِ، لأنه اللهُ الَّذي لا يُؤْمَنُ مَكْرُهُ وَلا يُخافُ جَوْرُهُ. وَأُقِرُّ لَهُ عَلى نَفْسي بِالْعُبُودِيَّةِ، وَأَشْهَدُ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَأُؤَدّي ما أَوْحى بِهِ إلَيَّ، حَذَراً مِنْ أَنْ لا أَفْعَلَ فَتَحِلَّ بي مِنْهُ قارِعَةٌ لا يَدْفَعُها عَنّي أَحَدٌ وَإنْ عَظُمَتْ حيلَتُهُ وَصَفَتْ خُلَّتُهُ ; لا إلهَ إلاّ هُوَ. لاِنَّهُ قَدْ أعْلَمَني أَنّي إنْ لَمْ أُبَلِّغْ ما أَنْزَلَ إلَيَّ في حَقِّ عَلِيٍّ فَما بَلَّغْتُ رِسالَتَهُ، وَقَدْ ضَمِنَ لي تَبارَكَ وَتَعالى الْعِصْمَةَ مِنَ النّاسِ وَهُوَ اللهُ الْكافِي الْكَريمُ. فَأَوْحى إلَيَّ: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ).
مَعاشِرَ النّاسِ، ما قَصَّرْتُ في تَبْليغِ ما أَنْزَلَ اللهُ تَعالى إلَيَّ، وَأَنَا أُبَيِّنُ لَكُمْ سَبَبَ هذِهِ الاْيَةِ: إنَّ جَبْرَئيلَ هَبَطَ إلَيَّ مِراراً ثَلاثاً يَأْمُرُني عَنِ السَّلامِ رَبّي ـ وَهُوَ السَّلامُ ـ أَنْ أَقُومَ في هذَا الْمَشْهَدِ فَأُعْلِمَ كُلَّ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبي طالِب أَخي وَوَصِيّي وَخَليفَتي عَلى أُمَّتي وَالاْمامُ مِنْ بَعْدي، الَّذي مَحَلُّهُ مِنّي مَحَلُّ هارُونَ مِنْ مُوسى إلاّ أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدي، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدَ اللهِ وَرَسُولِهِ. وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى عَلَيَّ بِذلِكَ آيَةً مِنْ كِتابِهِ هي: (إنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)، وَعَلِيُّ بْنُ أَبي طالِب الَّذي أقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَهُوَ راكِعٌ يُريدُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ في كُلِّ حال.
وَسَأَلْتُ جَبْرَئيلَ أَنْ يَسْتَعْفِيَ لِيَ السَّلامَ عَنْ تَبْليغِ ذلِكَ إلَيْكُمْ ـ أَيُّهَا النّاسُ ـ لِعِلْمي بِقِلَّةِ الْمُتَّقينَ وَكَثْرَةِ الْمُنافِقينَ وَإدْغالِ اللاّئِمينَ وَحِيَلِ الْمُسْتَهْزِئينَ بِالاْسْلامِ، الَّذينَ وَصَفَهُمُ اللهُ في كِتابِهِ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ، وَيَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظيمٌ، وَكَثْرَةِ أَذاهُمْ لي غَيْرَ مَرَّة، حَتّى سَمُّوني أُذُناً وَزَعَمُوا أَنّي كَذلِكَ لِكَثْرَةِ مُلازَمَتِهِ إيّايَ وَإقْبالي عَلَيْهِ وَهَواهُ وَقَبُولِهِ مِنّي، حَتّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذلِكَ: مِنْهُمُ الَّذينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ، قُلْ أُذُنُ خَيْر لَكُمْ، يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذينَ آمَنوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ يُؤذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَليمٌ).
وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَ الْقائِلينَ بِذلِكَ بِأَسْمائِهِمْ لَسَمَّيْتُ، وَأَنْ أومِئَ إلَيْهِمْ بِأَعْيانِهِمْ لأومأتُ، وَأَنْ أَدُلَّ عَلَيْهِمْ لَدَلَلْتُ، وَلكِنّي وَاللهِ في أُمُورِهِمْ قَدْ تَكَرَّمْتُ. وَكُلُّ ذلِكَ لا يَرْضَى اللهُ مِنّي إلاّ أَنْ أُبَلِّغَ ما أَنْزَلَ اللهُ إلَيَّ في حَقِّ عَلِيٍّ،(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ـ في حَقِّ عَلِيٍّ ـ وَاِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ).
ففَاعْلَمُوا مَعاشِرَ النّاسِ ذلِكَ فيهِ وَافْهَمُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ قَدْ نَصَبَهُ لَكُمْ وَلِيّاً وَإماماً فَرَضَ طاعَتَهُ عَلَى الْمُهاجِرينَ والأنصار وَعَلَى التّابِعينَ لَهُمْ بِإحْسان، وَعَلَى الْبادي وَالْحاضِرِ، وَعَلَى الْعَجَمِيِّ وَالْعَرَبِيِّ، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَالصَّغيرِ وَالْكَبيرِ، وَعَلَى الأبيض والأسود، وَعَلى كُلِّ مُوَحِّد ماض حُكْمُهُ، جاز قَوْلُهُ، نافِذٌ أَمْرُهُ، مَلْعُونٌ مَنْ خالَفَهُ، مَرْحُومٌ مَنْ تَبِعَهُ وَصَدَّقَهُ، فَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِمَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَأَطاعَ لَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ آخِرُ مَقام أَقُومُهُ في هذَا الْمَشْهَدِ، فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا وَانْقادُوا لأمر اللهِ رَبِّكُمْ، فَإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ مَوْلاكُمْ وَإلهُكُمْ، ثُمَّ مِنْ دُونِهِ رَسُولُهُ وَنَبِيُّهُ الْمُخاطِبُ لَكُمْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدي عَلِيٌّ وَلِيُّكُمْ وَإمامُكُمْ بِأَمْرِ اللهِ رَبِّكُمْ، ثُمَّ الاْمامَةُ في ذُرِّيَّتي مِنْ وُلْدِهِ إلى يَوْم تَلْقَوْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ.
لا حَلالَ إلاّ ما أَحَلَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَهُمْ، وَلا حَرامَ إلاّ ما حَرَّمَهُ اللهُ عَلَيْكُمْ وَرَسُولُهُ وَهُمْ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَرَّفَنِيَ الْحَلالَ وَالْحَرامَ وَأَنَا أَفْضَيْتُ بِما عَلَّمَني رَبّي مِنْ كِتابِهِ وَحَلالِهِ وَحَرامِهِ إلَيْهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوهُ. ما مِنْ عِلْم إلاّ وَقَدْ أَحْصاهُ اللهُ فِيَّ، وَكُلُّ عِلْم عُلِّمْتُ فَقَدْ أَحْصَيْتُهُ في إمامِ الْمُتَّقينَ، وَما مِنْ عِلْم إلاّ وَقَدْ عَلَّمْتُهُ عَلِيّاً، وَهُوَ الاْمامُ الْمُبينُ الَّذي ذَكَرَهُ اللهُ في سُورَةِ يس: (وكُلَّ شَيْء أَحْصَيْناهُ في إمام مُبين).
مَعاشِرَ النّاسِ، لا تَضِلُّوا عَنْهُ وَلا تَنْفِرُوا مِنْهُ، وَلا تَسْتَنْكِفُوا عَنْ وِلايَتِهِ، فَهُوَ الَّذي يَهْدي إلَى الْحَقِّ وَيَعْمَلُ بِهِ، وَيُزْهِقُ الْباطِلَ وَيَنْهى عَنْهُ، وَلا تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِم. أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، لَمْ يَسْبِقْهُ إلَى الاْيمانِ بي أَحَدٌ، وَالَّذي فَدى رَسُولَ اللهِ بِنَفْسِهِ، وَالَّذي كانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ وَلا أَحَدَ يَعْبُدُ اللهَ مَعَ رَسُولِهِ مِنَ الرِّجالِ غَيْرُهُ. أَوَّلُ النّاسِ صَلاةً وَأَوَّلُ مَنْ عَبَدَ اللهَ مَعي. أَمَرْتُهُ عَنِ اللهِ أَنْ يَنامَ في مَضْجَعي، فَفَعَلَ فادِياً لي بِنَفْسِهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوهُ فَقَدْ فَضَّلَهُ اللهُ، وَاقْبَلُوهُ فَقَدْ نَصَبَهُ اللهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ إمامٌ مِنَ اللهِ، وَلَنْ يَتُوبَ اللهُ عَلى أَحَد أَنْكَرَ وِلايَتَهُ وَلَنْ يَغْفِرَ لَهُ، حَتْماً عَلَى اللهِ أَنْ يَفْعَلَ ذلِكَ بِمَنْ خالَفَ أَمْرَهُ وَأَنْ يُعَذِّبَهُ عَذاباً نُكْراً أَبَدَ الاْبادِ وَدَهْرَ الدُّهُورِ. فَاحْذَرُوا أَنْ تُخالِفُوهُ، فَتَصْلُوا ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرينَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، بي ـ وَاللهِ ـ بَشَّرَ الأولون مِنَ النَّبِيّينَ وَالْمُرْسَلينَ، وَأَنَا ـ وَاللهِ ـ خاتَمُ الأنبياء وَالْمُرْسَلينَ، وَالْحُجَّةُ عَلى جَميعِ الْمَخْلُوقينَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ والأرضين. فَمَنْ شَكَّ في ذلِكَ فَقَدْ كَفَرَ كُفْرَ الْجاهِلِيَّةِ الأولى، وَمَنْ شَكَّ في شَيْء مِنْ قَوْلي هذا فَقَدْ شَكَّ في كُلِّ ما أُنْزِلَ إلَيَّ، وَمَنْ شَكَّ في واحِد مِنَ الأئمة فَقَدْ شَكَّ فِي الْكُلِّ مِنْهُمْ، وَالشّاكُ فينا فِي النّارِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، حَبانِيَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهذِهِ الْفَضيلَةِ مَنّاً مِنْهُ عَلَيَّ وَإحْساناً مِنْهُ إلَيَّ وَلا إلهَ إلاّ هُوَ، أَلا لَهُ الْحَمْدُ مِنّي أَبَدَ الآبِدينَ وَدَهْرَ الدّاهِرينَ وَعَلى كُلِّ حال.
مَعاشِرَ النّاسِ، فَضِّلُوا عَلِيّاً فَإنَّهُ أَفْضَلُ النّاسِ بَعْدي مِنْ ذَكَر وَأُنْثى ما أَنْزَلَ اللهُ الرِّزْقَ وَبَقِيَ الْخَلْقُ.
مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ، مَغْضُوبٌ مَغْضُوبٌ مَنْ رَدَّ عَلَيَّ قَوْلي هذا وَلَمْ يُوافِقْهُ. أَلا إنَّ جَبْرَئيلَ خَبَّرَني عَنِ اللهِ تَعالىبِذلِكَ وَيَقُولُ: "مَنْ عادى عَلِيّاً وَلَمْ يَتَوَلَّهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَتي وَغَضَبي"، (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَد وَاتَّقُوا اللهَ ـ أَنْ تُخالِفُـوهُ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ـ إنَّ اللهَ خَبيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ جَنْبُ اللهِ الَّذي ذَكَرَ في كِتابِهِ الْعَزيزِ، فَقالَ تَعالى مُخْبراً عَمَّنْ يُخالِفُهُ: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللهِ).
مَعاشِرَ النّاسِ، تَدَبَّرُوا القُرْآنَ وَافْهَمُوا آياتِهِ، وَانْظُرُوا إلى مُحْكَماتِهِ وَلا تَتَّبِعُوا مُتَشابِهَهُ، فَوَاللهِ لَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ زَواجِرَهُ وَلَنْ يُوضِحَ لَكُمْ تَفْسيرَهُ إلاَّ الَّذي أَنَا آخِذٌ بِيَدِهِ وَمُصْعِدُهُ إلَيَّ وَشائِلٌ بِعَضُدِهِ وَرافِعُهُ بِيَدي وَمُعْلِمُكُمْ: أَنَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِيٌّ مَوْلاهُ، وَهُوَ عَلِيٌّ بْنُ أَبي طالِب أَخي وَوَصِيّي، وَمُوالاتُهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَها عَلَيَّ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ عَلِيّاً وَالطَّيِّبينَ مِنْ وُلْدي مِنْ صُلْبِهِ هُمُ الثِّقْلُ الأصغر، وَالْقُرْآنُ الثِّقْلُ الأكبر، فَكُلُّ واحِد مِنْهُما مُنْبِئٌ عَنْ صاحِبِهِ وَمُوافِقٌ لَهُ، لَنْ يَفْتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الْحَوْضَ. أَلا إنَّهُمْ أُمَناءُ اللهِ في خَلْقِهِ وَحُكّامُهُ في أَرْضِهِ. أَلا وَقَدْ أَدَّيْتُ، أَلا وَقَدْ بَلَّغْتُ، أَلا وَقَدْ أَسْمَعْتُ، أَلا وَقَدْ أَوْضَحْتُ. ألا وَإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ، وَأَنَا قُلْتُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. أَلا إنَّهُ لا "أَميرَالْمُؤْمِنينَ" غَيْرَ أَخي هذا. أَلا لا تَحِلُّ إمْرَةُ الْمُؤْمِنينَ بَعْدي لأحد غَيْرِهِ.
ثم ضرب بيده إلى عضد علي (عليه السلام) فرفعه، وكان أميرالمؤمنين (عليه السلام) منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منبره على درجة دون مقامه مُتيامِناً عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله)كأنَّهما في مقام واحد. فرفعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده وبسطهما إلى السماء وشال عليّاً (عليه السلام) حتى صارت رجله مع ركبة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال:أيُّهَا النّاسُ، مَنْ أوْلى بِكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ؟ قالوا: اللهُ وَ رَسوُلُهُ. فَقالَ:
ألا فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، هذا عَلِيٌّ أَخي وَوَصِيّي وَواعي عِلْمي، وخَليفَتي في أُمَّتي عَلى مَنْ آمَنَ بي وَعَلى تَفْسيرِ كِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وَالدّاعي إلَيْهِ وَالْعامِلُ بِما يَرْضاهُ وَالْمُحارِبُ لأعدائه وَالْمُوالي عَلى طاعَتِهِ وَالنّاهي عَنْ مَعْصِيَتِهِ. إنَّهُ خَليفَةُ رَسُولِ اللهِ وَأَميرُالْمُؤْمِنينَ وَالإمامُ الْهادي مِنَ اللهِ، وَقاتِلُ النّاكِثينَ وَالْقاسِطينَ وَالْمارِقينَ بِأَمْرِ اللهِ.
يَقُولُ اللهُ: (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ). بِأَمْرِكَ يا رَبِّ أَقُولُ: اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَاْنصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَالْعَنْ مَنْ أَنْكَرَهُ وَاغْضِبْ عَلى مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ.
اللّهُمَّ إنَّكَ أَنْزَلْتَ الاْيَةَ في عَلِيٍّ وَلِيِّكَ عِنْدَ تَبْيينِ ذلِكَ وَنَصْبِكَ إيّاهُ لِهذَا الْيَوْمِ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الاْسْلامَ ديناً)، وَ قُلْتَ: (إنَّ الدّينَ عِنْدَ اللهِ اْلإسْلامُ)، وَ قُلْتَ: (وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الاْسْلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِى الاْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرينَ).
اللّهُمَّ إنّي أُشْهِدُكَ أَنّي قَدْ بَلَّغْتُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّما أَكْمَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ دينَكُمْ بِإمامَتِهِ. فَمَنْ لَمْ يَأْتَمَّ بِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقامَهُ مِنْ وُلْدي مِنْ صُلْبِهِ إلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَالْعَرْضِ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأُولئِكَ الَّذينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا والاْخِرَةِ وَفِي النّارِ هُمْ خالِدُونَ، (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ).
مَعاشِرَ النّاسِ، هذا عَلِيٌّ، أَنْصَرُكُمْ لي وَأَحَقُّكُمْ بي وَأَقْرَبُكُمْ إلَيَّ وَأَعَزُّكُمْ عَلَيَّ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَا عَنْهُ راضِيانِ. وَما نَزَلَتْ آيَةُ رِضىً فِي الْقُرْآنِ إلاّ فيهِ، وَلا خاطَبَ اللهُ الَّذينَ آمَنُوا إلاّ بَدَأَ بِهِ، وَلا نَزَلَتْ آيَةُ مَدْح فِي الْقُرآنِ إلاّ فيهِ، وَلا شَهِدَ اللهُ بِالْجَنَّةِ في (هَلْ أَتى عَلَى الإنسان) إلاّ لَهُ، وَلا أَنْزَلَـها في سِواهُ وَلا مَدَحَ بِهـا غَيْرَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، هُوَ ناصِرُ دينِ اللهِ وَالْمُجادِلُ عَنْ رَسُولِ اللهِ، وَهُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الْهادِي الْمَهْدِيُّ. نَبِيُّكُمْ خَيْرُ نَبِيٍّ وَوَصِيُّكُمْ خَيْرُ وَصِيٍّ وَبَنُوهُ خَيْرُ الأوصياء.
مَعـاشِرَ النّـاسِ، ذُرِّيَّـةُ كُلُّ نَبِـيٍّ مِنْ صُلْـبِهِ، وَذُرِّيَّتـي مِنْ صُلْبِ أميرِالْمُؤْمِنينَ عَلِيٍّ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ إبْليسَ أَخْرَجَ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ بِالْحَسَدِ، فَلا تَحْسُدُوهُ فَتَحْبِطَ أَعْمالُكُمْ وَتَزِلَّ أَقْدامُكُمْ، فَإنَّ آدَمَ أُهْبِطَ إلَى الأرض بِخَطيئَة واحِدَة، وَهُوَ صَفْوَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَيْفَ بِكُمْ وَأَنْتُمْ أَنْتُمْ وَمِنْكُمْ أَعْداءُ اللهِ.
ألا وَإنَّهُ لا يُبْغِضُ عَلِيّاً إلاّ شَقِيٌّ، وَلا يُوالي عَلِيّاً إلاّ تَقِيٌّ، وَلا يُؤمِنُ بِهِ إلاّ مُؤمِنٌ مُخْلِصٌ. وَفي عَلِيٍّ ـ وَاللهِ ـ نَزَلَتْ سُورَةُ الْعَصْرِ: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، وَالْعَصْرِ، إنَّ الاْنْسانَ لَفي خُسْر) إلاّ عَلِيٌّ الَّذي آمَنَ وَرَضِيَ بِالْحَقِّ وَالصَّبْرِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قَدْ اسْتَشْهَدْتُ اللهَ وَبَلَّغْتُكُمْ رِسالَتي وَما عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبَلاغُ الْمُبينُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
مَعاشِرَ النّاسِ، (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذي أُنْزِلَ مَعَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ). بِاللهِ ما عَنى بِهذِهِ الاْيَةِ إلاّ قَوْماً مِنْ أَصْحابي أَعْرِفُهُمْ بِأَسْمائِهِمْ وَأَنْسابِهِمْ، وَقَدْ أُمِرْتُ بِالصَّفْحِ عَنْهُمْ. فَلْيَعْمَـلْ كُلُّ امْرِئ عَلى ما يَجِدُ لِعَلِيٍّ في قَلْبِهِ مِنَ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، النُّورُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَسْلُوكٌ فِيَّ، ثُمَّ في عَلِيِّ بْنِ أَبي طالِب، ثُمَّ فِي النَّسْلِ مِنْهُ إلَى الْقائِمِ الْمَهْدِيِّ الَّذي يَأْخُذُ بِحَقِّ اللهِ وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَنا، لأن اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَنا حُجَّةً عَلَى الْمُقَصِّرينَ وَالْمُعانِدينَ وَالْمُخالِفينَ وَالْخائِنينَ وَالاْثِمينَ وَالظّالِمينَ وَالْغاصِبينَ مِنْ جَميعِ الْعالَمينَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أُنْذِرُكُمْ أَنّي رَسُولُ اللهِ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِيَ الرُّسُلُ، أَفَإنْ مِتُّ أَوْ قُتِلْتُ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ؟ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرينَ الصّابِرينَ. أَلا وَإنَّ عَلِيّاً هُوَ الْمَوْصُوفُ بِالصَّبْرِ وَالشُّكْرِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدي مِنْ صُلْبِهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، لا تَمُنُّوا عَلَيَّ بِإسْلامِكُمْ، بَلْ لا تَمُنُّوا عَلَى اللهِ فَيُحْبِطَ عَمَلَكُمْ وَيَسْخَطَ عَلَيْكُمْ وَيَبْتَلِيَكُمْ بِشُواظ مِنْ نار وَنُحاس، إنَّ رَبَّكُمْ لَبِالْمِرْصادِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدي أَئِمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى النّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللهَ وَأَنَا بَريئانِ مِنْهُمْ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُمْ وَأَنْصارَهُمْ وَأَتْباعَهُمْ وَأَشْياعَهُمْ فِي الدَّرْكِ الأسفل مِنَ النّارِ وَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرينَ.
ألا إنَّهُـمْ أَصْحـابُ الصَّحيفَـةِ، فَلْيَنْظُـرْ أَحَـدُكُمْ فـي صَحيفَتِـهِ.
(قال الراوي: فذهب على الناس ـ إلاّ شرذمة منهم ـ أمر الصحيفة)
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّي أَدَعُها إمامَةً وَوِراثَةً في عَقِبي إلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَقَدْ بَلَّغْتُ ما أُمِرْتُ بِتَبْليغِهِ حُجَّةً عَلى كُلِّ حاضِر وَغائِب، وَعَلى كُلِّ أَحَد مِمَّنْ شَهِدَ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ، وُلِدَ أَوْ لَمْ يُولَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الْحاضِرُ الْغائِبَ وَالْوالِدُ الْوَلَدَ إلى يَوْمِ الْقِيامَةِ.
وَسَيَجْعَلُونَ الاْمامَةَ بَعْدي مُلْكاً وَاغْتِصاباً، ألا لَعَنَ اللهُ الْغاصِبينَ الْمُغْتَصِبينَ، وَعِنْدَها سَيَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ مَنْ يَفْرُغُ، وَيُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نار وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَكُمْ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَميزَ الْخَبيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّهُ ما مِنْ قَرْيَة إلاّ وَاللهُ مُهْلِكُها بِتَكْذيبِها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَمُمَلِّكُهَا الاْمامَ الْمَهْدِيَّ وَاللهُ مُصَدِّقٌ وَعْدَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قَدْ ضَلَّ قَبْلَكُمْ أَكْثَرُ الأولين، وَاللهُ لَقَدْ أَهْلَكَ الاَْوَّلينَ، وَهُوَ مُهْلِكُ الاْخِرينَ. قالَ اللهُ تَعالى: (أَلَمْ نُهْلِكِ الأولين، ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الاْخِرينَ، كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمينَ، وَيْلٌ يَوْمَئِذ لِلْمُكَذِّبينَ).
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَني وَنَهاني، وَقَدْ أَمَرْتُ عَلِيّاً وَنَهَيْتُهُ بِأَمْرِهِ. فَعِلْمُ الأمر وَالنَّهْيِ لَدَيْهِ، فَاسْمَعُوا لأمره تَسْلِمُوا وَأَطيعُوهُ تَهْتَدُوا وَانْتَهُوا لِنَهْيِهِ تَرْشُدُوا، وَصيرُوا إلى مُرادِهِ وَلا تَتَفَرَّقْ بِكُمُ السُّبُلُ عَنْ سَبيلِهِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَنَا صِراطُ اللهِ الْمُسْتَقيمُ الَّذي أَمَرَكُمْ بِاتِّباعِهِ، ثُمَّ عَلِيٌّ مِنْ بَعْدي، ثُمَّ وُلْدي مِنْ صُلْبِهِ أَئِمَّةُ الْهُدى، يَهْدُونَ إلَى الْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ.ا
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ، الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، مالِكِ يَوْمِ الدّينِ، إيّاكَ نَعْبُدُ وَإيّاكَ نَسْتَعينُ، اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقيمَ، صِراطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضّالّينَ، فِيَّ نَزَلَتْ وَفيهِمْ وَاللهِ نَزَلَتْ، وَلَهُمْ عَمَّتْ، وَإيّاهُمْ خَصَّتْ، أُولئِكَ أَوْلِياءُ اللهِ الَّذينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. أَلا إنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ الْغاوُونَ إخْوانُ الشَّياطينِ، يُوحي بَعْضُهُمْ إلى بَعْض زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً.
أَلا إنَّ أوْلِياءَهُمُ الَّذينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ في كِتابِهِ، فَقالَ عَزَّ وَجَلَّ: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَومِ الاْخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آبائَهُمْ أَوْ أَبْنائَهُمْ أَوْ إخْوانَهُمْ أَوْ عَشيرَتَهُمْ، أُولئِكَ كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الاْيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوح مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنّات تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهارُ خالِدينَ فيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذينَ وَصَفَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقالَ: (الَّذينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبَسُوا ايمانَهُمْ بِظُلْم أُولـئِكَ لَهُمُ الأمن وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمُ الَّذينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرْتابُوا.
أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمُ الَّذينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِسَلام آمِنينَ، تَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ بِالتَّسْليمِ يَقُولُونَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدينَ.
أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمْ، لَهُمُ الْجَنَّةُ يُرْزَقُونَ فيها بِغَيْرِ حِساب.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذينَ يَصْلَوْنَ سَعيراً.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ لِجَهَنَّمَ شَهيقاً وَهِيَ تَفُورُ وَيَرَوْنَ لَها زَفيراً.
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذينَ قالَ اللهُ فيهِمْ: (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتّى إذَا ادّارَكُوا فيها جَميعاً قالَتْ أُخْريهُمْ لاِوُليهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لاتَعْلَمُونَ).
أَلا إنَّ أَعْداءَهُمُ الَّذينَ قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (كُلَّما أُلْقِيَ فيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذيرٌ، قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيء، إنْ أَنْتُمْ إلاّ في ضَلال كَبير، وَقالوُا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنّا في أَصْحابِ السَّعيرِ فَاعْتَرَفوُا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأصحاب السَّعير).
أَلا إنَّ أَوْلِياءَهُمُ الَّذينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبيرٌ.
مَعاشِرَ النّاسِ، شَتّانَ ما بَيْنَ السَّعيرِ والأجر الْكَبيرِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، عَدُوُّنا مَنْ ذَمَّهُ اللهُ وَلَعَنَهُ، وَوَلِيُّنا كُلُّ مَنْ مَدَحَهُ اللهُ وَأَحَبَّهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّي أنَا النَّذيرُ وَعَلِيٌّ الْبَشيرُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّي مُنْذِرٌ وَعَلِيٌّ هاد.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّي نَبِيٌّ وَعلِيٌّ وَصِيّي.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَلا وَإنّي رَسُولٌ وَعَلِيٌّ الاْمامُ وَالْوَصِيُّ مِنْ بَعْدي، والأئمة مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ. أَلا وَإنّي والِدُهُمْ وَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِهِ. أَلا إنَّ خاتَمَ الأَئِمَّةِ مِنَّا الْقائِمَ الْمَهْدِيَّ. أَلا إنَّهُ الظّاهِرُ عَلَى الدّينِ. أَلا إنَّهُ الْمُنْتَقِمُ مِنَ الظّالِمينَ. أَلا إنَّهُ فاتِحُ الْحُصُونِ وَهادِمُها. أَلا إنَّهُ غالِبُ كُلِّ قَبيلَة مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَهاديها. أَلا إنَّهُ الْمُدْرِكُ بِكُلِّ ثار لأولياء اللهِ. أَلا إنَّهُ النّاصِرُ لِدينِ اللهِ. أَلا إنَّهُ الْغَرّافُ مِنْ بَحْر عَميق. أَلا إنَّهُ يَسِمُ كُلَّ ذي فَضْل بِفَضْلِهِ وَكُلَّ ذي جَهْل بِجَهْلِهِ. أَلا إنَّهُ خِيَرَةُ اللهِ وَمُخْتارُهُ. أَلا إنَّهُ وارِثُ كُلِّ عِلْم وَالْمُحيطُ بِكُلِّ فَهْم. أَلا إنَّهُ الْمُخْبِرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُشَيِّدُ لأمر آياتِهِ. أَلا إنَّهُ الرَّشيدُ السَّديدُ. أَلا إنَّهُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ. أَلا إنَّهُ قَدْ بَشَّرَ بِهِ مَنْ سَلَفَ مِنَ الْقُرُونِ بَيْنَ يَدَيْهِ. أَلا إنَّهُ الْباقي حُجَّةً وَلا حُجَّةَ بَعْدَهُ وَلا حَقَّ إلاّ مَعَهُ وَلا نُورَ إلاّ عِنْدَهُ. أَلا إنَّهُ لا غالِبَ لَهُ وَلا مَنْصُورَ عَلَيْهِ. أَلا وَإنَّهُ وَلِيُّ اللهِ في أَرْضِهِ، وَحَكَمُهُ في خَلْقِهِ، وَأَمينُهُ في سِرِّهِ وَعَلانِيَتِهِ.ا
مَعاشِرَ النّاسِ، إنّي قَدْ بَيَّنْتُ لَكُمْ وَأَفْهَمْتُكُمْ، وَهذا عَلِيٌّ يُفْهِمُكُمْ بَعْدي. أَلا وَإنّي عِنْدَ انْقِضاءِ خُطْبَتي أَدْعُوكُمْ إلى مُصافَقَتي عَلى بَيْعَتِهِ وَالاْقْرارِ بِهِ، ثُمَّ مُصافَقَتِهِ بَعْدي. أَلا وَإنّي قَدْ بايَعْتُ اللهَ وَعَلِيٌّ قَدْ بايَعَني، وَأَنَا آخِذُكُمْ بِالْبَيْعَةِ لَهُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. (إنَّ الَّذينَ يُبايِعُونَكَ إنَّما يُبايِعُونَ اللهَ، يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ. فَمَنْ نَكَثَ فَإنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتيهِ أَجْراً عَظيماً).
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ، (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإنَّ اللهَ شاكِرٌ عَليمٌ).
مَعاشِـرَ النّاسِ، حِجُّـوا الْبَيْتَ، فَما وَرَدَهُ أَهْـلُ بَيْت إلاَّ اسْتَغْنَـوْا وَأُبْشِـرُوا، وَلا تَخَلَّفُـوا عَنْهُ إلاّ بُتِـرُوا وَافْتَقَرُوا.
مَعاشِرَ النّاسِ، ما وَقَفَ بِالْمَوْقِفِ مُؤْمِنٌ إلاّ غَفَرَ اللهُ لَهُ ما سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ إلى وَقْتِهِ ذلِكَ، فَإذَا انْقَضَتْ حجَّتُهُ اسْتَأْنَفَ عَمَلَهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، الْحُجّاجُ مُعانُونَ وَنَفَقاتُهُمْ مُخَلَّفَةٌ عَلَيْهِمْ وَاللهُ لا يُضيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنينَ.
مَعاشِرَ النّاسِ، حِجُّوا الْبَيْتَ بِكَمالِ الدّينِ وَالتَّفَقُّهِ، وَلاتَنْصَرِفُوا عَنِ الْمَشاهِدِ إلاّ بِتَوْبَة وَإقْلاع.
مَعاشِرَ النّاسِ، أَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ كَما أَمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَإنْ طالَ عَلَيْكُمُ الأمد فَقَصَّرْتُمْ أَوْ نَسيتُمْ فَعَلِيٌّ وَلِيُّكُمْ وَمُبَيِّنٌ لَكُمْ ; الَّذي نَصَبَهُ اللهُ عزَّ وَجَلَّ لَكُمْ بَعْدي أَمينَ خَلْقِهِ. إنَّهُ مِنّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَمَنْ يَخْلُفُ مِنْ ذُرِّيَّتي يُخْبِرُونَكُمْ بِما تَسْأَلُونَ عَنْهُ وَيُبَيِّنُونَ لَكُمْ ما لا تَعْلَمُونَ.
أَلا إنَّ الْحَلالَ وَالْحَرامَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ أُحْصِيَهُما وَأُعَرِّفَهُما ; فَآمُرُ بِالْحَلالِ وَأَنْهي عَنِ الْحَرامِ في مَقام واحِد، فَأُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الْبَيْعَةَ مِنْكُمْ وَالصَّفْقَةَ لَكُمْ بِقَبُولِ ما جِئْتُ بِهِ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في عَلِيٍّ أَميرِالْمُؤْمِنينَ والأوصياءمِنْ بَعْدِهِ الَّذينَ هُمْ مِنّي وَمِنْهُ إمامَةً فيهِمْ قائِمَةً، خاتِمُها الْمَهْدِيُّ إلى يَوْم يَلْقَى اللهَ الَّذي يُقَدِّرُ وَيَقْضي.
مَعاشِرَ النّاسِ، وَكُلُّ حَلال دَلَلْتُكُمْ عَلَيْهِ وَكُلُّ حَرام نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَإنّي لَمْ أَرْجِعْ عَنْ ذلِكَ وَلَمْ أُبَدِّلْ. أَلا فَاذْكُرُوا ذلِكَ وَاحْفَظُوهُ وَتَواصَوْا بِهِ، وَلا تُبَدِّلُوهُ وَلا تُغَيِّرُوهُ.
أَلا وَإنّي أُجَدِّدُ الْقَوْلَ: أَلا فَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاءْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ.
أَلا وَإنَّ رَأْسَ الأمر بِالْمَعْرُوفِ أَنْ تَنْتَهُوا إلى قَوْلي وَتُبَلِّغُوهُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ وَتَأْمُرُوهُ بِقَبُولِهِ عَنّي وَتَنْهَوْهُ عَنْ مُخالَفَتِهِ، فَإنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنّي. وَلا أَمْرَ بِمَعْرُوف وَلا نَهْيَ عَنْ مُنْكَر إلاّ مَعَ إمام مَعْصُوم.
مَعاشِرَ النّاسِ، الْقُرْآنُ يُعَرِّفُكُمْ أنَّ الاَْئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ، وَعَرَّفْتُكُمْ أنَّهُمْ مِنّي وَمِنْهُ، حَيْثُ يَقُولُ اللهُ في كِتابِهِ:(وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِهِ)، وقُلْتُ: "لَنْ تَضِلُّوا ما إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِما".
مَعاشِرَ النّاسِ، التَّقْوى، التَّقْوى، وَاحْذَرُوا السّاعَةَ كَما قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظيمٌ)
اذْكُرُوا الْمَماتَ وَالْمَعادَ وَالْحِسابَ وَالْمَوازينَ وَالْمُحاسَبَةَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعالَمينَ وَالثَّوابَ وَالْعِقابَ. فَمَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ أُثيبَ عَلَيْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَيْسَ لَهُ فِي الْجِنانِ نَصيبٌ.
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّكُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُصافِقُوني بِكَفٍّ واحِد في وَقْت واحِد، وَقَدْ أَمَرَنِيَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ آخُذَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ الاْقْرارَ بِما عَقَّدْتُ لِعَلِيٍّ أَميرِالْمُؤْمِنينَ، وَلِمَنْ جاءَ بَعْدَهُ مِنَ الأئمة مِنّي وَمِنْهُ، عَلى ما أَعْلَمْتُكُمْ أَنَّ ذُرِّيَّتي مِنْ صُلْبِهِ. فَقُولُوا بِأَجْمَعِكُمْ: "إنّا سامِعُونَ مُطيعُونَ راضُونَ مُنْقادُونَ لِما بَلَّغْتَ عَنْ رَبِّنا وَرَبِّكَ في أَمْرِ إمامِنا عَلِيٍّ أَميرِالْمُؤْمِنينَ وَمَنْ وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ مِنَ الأئمة. نُبايِعُكَ عَلى ذلِكَ بِقُلُوبِنا وَأَنْفُسِنا وَأَلْسِنَتِنا وَأَيْدينا. عَلى ذلِكَ نَحْيى وَعَلَيْهِ نَمُوتُ وَعَلَيْهِ نُبْعَثُ. وَلا نُغَيِّرُ وَلا نُبَدِّلُ، وَلا نَشُكُّ وَلا نَجْحَدُ وَلا نَرْتابُ، وَلا نَرْجِعُ عَنِ الْعَهْدِ وَلانَنْقُضُ الْميثاقَ. وَعَظْتَنا بِوَعْظِ اللهِ في عَلِيٍّ أَميرِالْمُؤْمِنينَ والأئمة الَّذينَ ذَكَرْتَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِهِ بَعْدَهُ، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَمَنْ نَصَبَهُ اللهُ بَعْدَهُما. فَالْعَهْدُ وَالْميثاقُ لَهُمْ مَأْخُوذٌ مِنّا، مِنْ قُلُوبِنا وَأَنْفُسِنا وَأَلْسِنَتِنا وَضَمائِرِنا وَأَيْدينا. مَنْ أَدْرَكَها بِيَدِهِ وَإلاّ فَقَدْ أَقَرَّ بِلِسانِهِ، وَلا نَبْتَغي بِذلِكَ بَدَلاً وَلا يَرَى اللهُ مِنْ أَنْفُسِنا حِوَلاً. نَحْنُ نُؤَدّي ذلِكَ عَنْكَ الدّاني وَالْقاصي مِنْ أَوْلادِنا وَأَهالينا، وَنُشْهِدُ اللهَ بِذلِكَ وَكَفى بِاللهِ شَهيداً وَأَنْتَ عَلَيْنا بِهِ شَهيدٌ".
مَعاشِرَ النّاسِ، ما تَقُولُونَ؟ فَإنَّ اللهَ يَعْلَمُ كُلَّ صَوْت وَخافِيَةَ كُلِّ نَفْس، (فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإنَّما يَضِلُّ عَلَيْها)، وَمَنْ بايَعَ فَإنَّما يُبايِعُ اللهَ، (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ).
مَعاشِرَ النّاسِ، فَبايِعُوا اللهَ وَبايِعُوني وَبايِعُوا عَلِيّاً أميرَالْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ والأئمة مِنْهُمْ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ كَلِمَةً باقِيَةً ; يُهْلِكُ اللهُ مَنْ غَدَرَ وَيَرْحَمُ مَنْ وَفى. (فَمَنْ نَكَثَ فَإنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتيهِ أَجْراً عَظيماً).
مَعاشِرَ النّاسِ، قُولُوا الَّذي قُلْتُ لَكُمْ وَسَلِّمُوا عَلى عَلِيٍّ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنينَ، وَقُولُوا: (سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإلَيْكَ الْمَصيرُ)، وَقُولُوا: (الْحَمْدُ للهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ).
مَعاشِرَ النّاسِ، إنَّ فَضائِلَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طالِب عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَقَدْ أَنْزَلَها فِي الْقُرْآنِ ـ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ أُحْصِيَها في مَقام واحِد، فَمَنْ أَنْبَأَكُمْ بِها وَعَرَفَها فَصَدِّقُوهُ.
مَعاشِرَ النّاسِ، مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَعَلِيّاً والأئمة الَّذينَ ذَكَرْتُهُمْ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظيماً.
مَعاشِرَ النّاسِ، السّابِقُونَ إلى مُبايَعَتِهِ وَمُوالاتِهِ وَالتَّسْليمِ عَلَيْهِ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنينَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ في جَنّاتِ النَّعيمِ.
مَعاشِرَ النّاسِ، قُولُوا ما يَرْضَى اللهُ بِهِ عَنْكُمْ مِنَ الْقَوْلِ، فَإنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرض جَميعاً فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً.
اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ بِما أَدَّيْتُ وَأَمَرْتُ وَاغْضِبْ عَلَى الْجاحِدينَ الْكافِرينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ.
من كتاب خطبة الغدير - محمد باقر الأنصاري

الخميس، 6 أغسطس 2015

مظلومية فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) من مصادر الشيعة

( روايات هجوم الدار والحرق والضرب والإسقاط عند الشيعة )

عدد الروايات : ( 24 )

الكليني الكافي - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 459 )

- أحمد بن مهران (ر) رفعه وأحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار الشيباني ، قال : حدثني القاسم بن محمد الرازي ، قال : حدثنا علي بن محمد الهرمزاني ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي (ع) ، قال : لما قبضت فاطمة (ع) دفنها أمير المؤمنين سراً وعفا على موضع قبرها ، ثم قام فحول وجهه إلى قبر رسول الله (ص) فقال : السلام عليك يا رسول الله عني والسلام عليك عن إبنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي .... إلى أن قال .... وهم مهيج ، سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو وستنبئك إبنتك بتظافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال وإستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلاً ، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين ... ألخ. 



الشيخ الصدوق الأمالي - رقم الصفحة : ( 174 ) - رقم الحديث : ( 178 )

- حدثنا : علي بن أحمد بن موسى الدقاق ( رحمه الله ) ، قال : حدثنا : محمد ابن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا : موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : إن رسول الله (ص) كان جالساً ... إلى أن قال : .... وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأني بها وقد دخل الذل بيتها ، وانتهكت حرمتها ، وغصبت حقها ، ومنعت إرثها ، وكسر جنبها ، وأسقطت جنينها ، وهي تنادي : يا محمداه ، فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة ، وتتذكر فراقي أخرى ، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن ، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة .... ألخ. 



الشيخ الصدوق الأمالي - رقم الصفحة : ( 197 ) - رقم الحديث : ( 208 )

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (ر) ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار جميعاً ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، قال : حدثنا أبو عبد الله الرازي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن سيف بن عميرة ، عن محمد بن عتبة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (ع) ، قال : بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله (ص) ، إذا التفت إلينا فبكى ، فقلت : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال : أبكي مما يصنع بكم بعدي . فقلت : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : أبكي من ضربتك على القرن ، ولطم فاطمة خدها ، وطعنة الحسن في الفخذ ، والسم الذي يسقى ، وقتل الحسين ، قال : فبكى أهل البيت جميعاً ، فقلت : يا رسول الله ، ما خلقنا ربنا إلا للبلاء ! ، قال : إبشر يا علي ، فإن الله عز وجل قد عهد إلي أنه لا يحبك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق. 



المجلسي بحار الأنوار - الجزء : ( 22 ) - رقم الصفحة : ( 477

كتاب الطرف للسيد علي بن طاووس نقلاً من كتاب الوصية للشيخ عيسى بن المستفاد الضرير ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه (ع) قال : لما حضرت رسول الله (ص) الوفاة دعا الأنصار .... إلى أن قال ..... ألا إن فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي ، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله ، قال عيسى : فبكى أبو الحسن (ع) طويلاً ، وقطع بقية كلامه ، وقال : هتك والله حجاب الله ، هتك والله حجاب الله ، هتك والله حجاب الله يا أمه صلوات الله عليها



المجلسي بحار الأنوار - الجزء : ( 28 ) - رقم الصفحة : ( 309

- أقول : قال علي بن الحسين المسعودي في كتاب الوصية : قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بأمر الله جل وعلا ، وعمره خمس وثلاثون سنة وإتبعه المؤمنون ، وقعد عنه المنافقون ، ونصبوا للملك وأمر الدنيا رجلاًإختاروه لأنفسهم دون من إختاره الله ، عز وجل ، ورسول الله (ص) ، فروي أن العباس (ر) صار إلى أمير المؤمنين (ع) وقد قبض رسول الله (ص) فقال له : أمدد يدك أبايعك ، فقال : ومن يطلب هذا الأمر ؟ ومن يصلح له غيرنا ؟ وصار إليه ناس من المسلمين منهم الزبير وأبو سفيان صخر بن حرب فأبى واختلف المهاجرون والأنصار ... إلى أن قال ..... فوجهوا إلى منزله فهجموا عليه وأحرقوا بابه ، وإستخرجوه منه كرهاً ، وضغطوا سيدة النساء بالباب ، حتى أسقطت محسناً ، وأخذوه بالبيعة فامتنع ، وقال : لا أفعل : فقالوا نقتلك فقال : إن تقتلوني فاني عبد الله وأخو رسوله ، وبسطوا يده فقبضها ، وعسر عليهم فتحها ، فمسحوا عليه وهي مضمومة .... ألخ. 



المجلسي بحار الأنوار - الجزء : ( 43 ) - رقم الصفحة : ( 233

مناقب إبن شهر آشوب : ولدت الحسن (ع) ولها إثنتي عشرة سنة وأولادها : الحسن والحسين والمحسن سقط ، وفي معارف القتيبي أن محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي ، وزينب وأم كلثوم ... ألخ. 



المجلسي بحار الأنوار - الجزء : ( 95 ) - رقم الصفحة : ( 354

قال السيد إبن طاوس (ر) في كتاب زوايد الفوائد : روى ابن أبي العلاء الهمداني الواسطي ويحيي بن محمد بن حويج البغدادي قالا : تنازعنا في إبن الخطاب وإشتبه علينا أمره ، فقصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القمي صاحب أبي الحسن العسكري (ع) بمدينة قم ، فقرعنا عليه الباب فخرجت علينا صبية عراقية فسئلناها عنه ، فقالت : هو مشغول بعيده ، فإنه يوم عيد ، فقلت : سبحان الله إنما الأعياد أربعة للشيعة : الفطر ، والأضحى ، والغدير ، والجمعة ، قالت : فإن أحمد إبن إسحاق يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمد العسكري (ع) أن هذا اليوم يوم عيد ، وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت (ع) وعند مواليهم .... إلى أن قال .... وإبتدع السنن وغيرها وغير الملة ونقل السنة ، ورد شهادة أمير المؤمنين (ع) ، وكذب فاطمة بنت رسول الله ، وإغتصب فدك منها وأرضى اليهود والنصارى والمجوس ، وأسخط قرة عين المصطفى ولم يرضها ، وغير السنن كلها ، ودبر على قتل أمير المؤمنين (ع) وأظهر الجور ، وحرم ما حلله الله وحلل ما حرم الله وأبقى الناس أن يحتذوا النقد من جلود الإبل ، ولطم وجه الزكية (ع) ... ألخ. 



المجلسي بحار الأنوار - الجزء : ( 98 ) - رقم الصفحة : ( 44

وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي نقلا من خط الشهيد رفع الله درجته نقلاً من مصباح الشيخ أبي منصور طاب ثراه قال : روي أنه دخل النبي (ص) يوماً ... إلى أن قال .... أما إبنتك فهي أول أهلك لحاقاً بك بعد أن تظلم ويؤخذ حقها وتمنع إرثها ويظلم بعلها ويكسر ضلعها



المفيد الإختصاص - رقم الصفحة : ( 185 )

 أبو محمد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (ع) قال : ... إلى أن قال .... فدعا بكتاب فكتبه لها برد فدك ، فقال : فخرجت والكتاب معها ، فلقيها عمر فقال : يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك ، فقالت : كتاب كتب لي أبو بكر برد فدك ، فقال : هلميه إلي ، فأبت أن تدفعه إليه ، فرفسها برجله وكانت حاملة بإبن إسمه المحسن فأسقطت المحسن من بطنها ثم لطمها فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت ثم أخذ الكتاب فخرقه فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوماً مريضة مما ضربها عمر ، ثم قبضت .... ألخ.



الكفعمي المصباح - رقم الصفحة : ( 552 ) - رقم الحديث : ( 00 )

عن علي (ع) اللهم صل على محمد وآل محمد ... إلى أن قال ... وعهد نقضوه وحلال حرموه وحرام أحلوه وبطن فتقوه وجنين أسقطوه وضلع دقوه وصك مزقوه وشمل بددوه وعزيز أذلوه وذليل أعزوه وحق منعوه وكذب دلسوه وحكم قلبوه ... ألخ. 



الطبرسي الإحتجاج - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 414 )

وروي عن الشعبي ، وأبي مخنف ، ويزيد بن حبيب المصري ، حديث إحتجاج الإمام الحسن المجتبى على عمرو بن العاص ، والوليد بن عقبة ، وعمرو بن عثمان ، وعتبة بن أبي سفيان عند معاوية ، وهو حديث طويل ، وقد جاء فيه ، قوله عليه للمغيرة بن شعبة : .... وأنت الذي ضربت فاطمة بنت رسول الله ص ، حتى أدميتها ، وألقت ما في بطنها ، إستذلالاً منك لرسول الله (ص) ، ومخالفة منك لأمره ، وإنتهاكاً لحرمته. 



إبن جرير الطبري ( الشيعي ) دلائل الإمامة - رقم الصفحة : ( 103 )

حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري القاضي ، قال : أخبرنا القاضي أبو الحسين علي بن عمر بن الحسن بن علي بن مالك السياري ، قال : أخبرنا :محمد بن زكريا الغلابي ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة الكندي ، قال : حدثني أبي ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين (ع) ، عن محمد بن عمار بن ياسر ، قال : سمعت أبي عمار بن ياسر يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول .... إلى أن قال .... وحملت بمحسن ، فلما قبض رسول الله (ص) ، وجرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها ، وإخراج ابن عمها أمير المؤمنين (ع) ، وما لحقها من الرجل أسقطت به ولداً تماماً ، وكان ذلك أصل مرضها ووفاتها (ص).



إبن جرير الطبري ( الشيعي ) دلائل الإمامة - رقم الصفحة : ( 134 )

حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أبو علي محمد بن همام بن سهيل (ر) ، قال : روى أحمد إبن محمد بن البرقي ، عن أحمد بن محمد الأشعري القمي ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن إبن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) ، قال : ولدت فاطمة (ع) في جمادى الآخرة ، يوم العشرين منه ، سنة خمس وأربعين من مولد النبي (ص) ، وأقامت بمكة ثمان سنين ، وبالمدينة عشر سنين ، وبعد وفاة أبيها خمسة وسبعين يوماً ، وقبضت في جمادي الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه ، سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وكان سبب وفاتها أن قنفذاً مولى عمر لكزها بنعل السيف بأمره ، فأسقطت محسناً ومرضت من ذلك مرضاً شديداً ، ولم تدع أحداً ممن آذاها يدخل عليها ، وكان الرجلان من أصحاب النبي (ص) سألا أمير المؤمنين أن يشفع لهما إليها ، فسألها أمير المؤمنين (ع) فأجابت ، فلما دخلا عليها قالا لها : كيف أنت يا بنت رسول الله ؟ ، قالت : بخير بحمد الله ، ثم قالت لهما : ما سمعتما النبي (ص) يقول : فاطمة بضعة مني ، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ؟ ، قالا : بلى ،قالت : فوالله ، لقد آذيتماني ، قال : فخرجا من عندها وهي ساخطة عليهما



إبن جرير الطبري ( الشيعي ) دلائل الإمامة - رقم الصفحة : ( 400 )

أخبرني : أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ، قال : حدثنا أبي (ر) ، قال : أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدثني زكريا بن آدم ، قال : إني لعند الرضا (ع) إذ جئ بأبي جعفر (ع) ، وسنه أقل من أربع سنين ، فضرب بيده إلى الأرض ، ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر ، فقال له الرضا (ع) : بنفسي أنت ، لم طال فكرك ؟ فقال (ع) : فيما صنع بأمي فاطمة (ع) ، أما والله لأخرجنهما ثم لأحرقنهما ، ثم لأذرينهما ، ثم لأنسفنهما في اليم نسفاً ، فاستدناه ، وقبل ما بين عينيه ، ثم قال : بأبي أنت وأمي ، أنت لها ، يعني الإمامة. 



جعفر بن قولويه كامل الزيارات رقم الصفحة : ( 541 ) - رقم الحديث : ( 830 )

وبهذا الإسناد ، عن عبد الله الأصم ، عن عبد الله بن بكير الأرجاني ، قال : صحبت أبا عبد الله (ع) في طريق مكة من المدينة ، فنزلنا منزلاً يقال له : عسفان ، ثم مررنا بجبل أسود عن يسار الطريق موحش ، .... إلى أن قال ..... وقاتل فاطمة ومحسن ، وقاتل الحسن والحسين (ع) ، فإما معاوية وعمرو فما يطمعان في الخلاص ، ومعهم كل من نصب لنا العداوة ، وأعان علينا بلسانه ويده وماله ... ألخ. 



جعفر بن قولويه كامل الزيارات رقم الصفحة : ( 547 ) - رقم الحديث : ( 840 )

حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سالم ، عن محمد بن خالد ، عن عبد الله بن حماد البصري ، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله (ع) ، قال : لما أسري بالنبي (ص) إلى السماء قيل له : إن الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك ، قال : أسلم لأمرك يا رب ولا قوة لي على الصبر الاّ بك ، فما هن؟ ، قيل له : أولهن الجوع والإثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة ، قال : قبلت يا رب ورضيت وسلمت ومنك التوفيق والصبر ، وأما الثانية فالتكذيب والخوف الشديد وبذلك مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك ، والصبر على ما يصيبك منهم من الأذى ومن أهل النفاق والألم في الحرب والجراح ، قال : قبلت يا رب ورضيت وسلمت ومنك التوفيق والصبر ، وأما الثالثة فما يلقي أهل بيتك من بعدك من القتل ، أما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم وآخر ذلك القتل ، فقال : يا رب قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر ، وأما ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصبا الذي تجعله لها ، وتضرب وهي حامل ، ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن ، ثم يمسها هوان وذل ثم لا تجد مانعاً ، وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب.



السيد إبن طاووس إقبال الأعمال - الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 166 )

ذكر الزيارة المشار إليه لمولاتنا فاطمة الزهراء (ص) ، تقول : السلام عليك يا بنت رسول الله ، السلام عليك يا بنت نبي الله ، السلام عليك يا بنت حبيب الله ، السلام عليك يا بنت خليل الله ، السلام عليك يا بنت امين الله ، السلام عليك يا بنت خير خلق الله ، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله . السلام عليك يا بنت خير البرية ، ... إلى أن تقول ...... اللهم صل على محمد وأهل بيته ، وصل على البتول الطاهرة ، الصديقة المعصومة ، التقية النقية ، الرضية [ المرضية ] ، الزكية الرشيدة ، المظلومة المقهورة ، المغصوبة حقها ، الممنوعة ارثها ، المكسور ضلعها ، المظلوم بعلها المقتول ولدها ... ألخ. 



الخصيبي الهداية الكبرى - رقم الصفحة : ( 179 )

- .... قالت لا يصلي علي أمة نقضت عهد أمير المؤمنين (ع) ولم يعلم بها أحداً ، ولا حضر وفاتها أحد ولا صلى عليها من سائر الناس غيرهم لأنها وصت (ع) ، وقالت : لا يصلي علي أمة نقضت عهد الله وعهد أبي رسول الله (ص) وأمير المؤمنين بعلي وظلموني وأخذوا وراثتي وحرقوا صحيفتي التي كتبها أبي بملك فدك والعوالي ... إلى أن قالت (ع) ..... فأخذ عمر السوط من قنفذ مولى أبي بكر ، فضرب به عضدي فالتوى السوط على يدي حتى صار كالدملج ، وركل الباب برجله فرده علي وأنا حامل فسقطت لوجهي والنار تسعر ، وصفق وجهي بيده حتى إنتثر قرطي من اذني وجاءني المخاض فأسقطت محسناً قتيلاً بغير جرم فهذه أمة تصلي علي ، وقد تبرأ الله ورسوله منها وتبرأت منها. 



الخصيبي الهداية الكبرى - رقم الصفحة : ( 407 )

وقول فضة جارية فاطمة (عإن أمير المؤمنين عنكم مشغول والحق له لو أنصفتموه واتقيتم الله ورسوله ... إلى أن قال .... وأدخل قنفذ لعنه الله يده يروم فتح الباب وضرب عمر لها بسوط أبي بكر على عضدها حتى صار كالدملج الأسود المحترق وأنينها من ذلك وبكاها وركل عمر الباب برجله حتى أصاب بطنها وهي حاملة بمحسن لستة أشهر وإسقاطها وصرختها عند رجوع الباب وهجوم عمر وقنفذ وخالد وصفقة عمر على خدها حتى أبرى قرطها تحت خمارها فانتثر وهي تجهر بالبكاء تقول يا أبتاه يا رسول الله ... ألخ. 



الخصيبي الهداية الكبرى - رقم الصفحة : ( 418 )

فقال له الصادق : ولا كيوم محنتنا بكربلا وإن كان كيوم السقيفة وإحراق الباب على أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضة وقتل محسن بالرفسة لأعظم وأمر لأنه أصل يوم الفراش ، قال المفضل : يامولاي أسال قال : إسأل قال : يا مولاي ( وإذا المؤودة سئلت باي ذنب قتلت ) قال : يامفضل تقول العامة إنها في كل جنين من أولاد الناس يقتل مظلوماً ، قال المفضل : نعم ، يا مولاي هكذا يقول أكثرهم قال : ويلهم من أين لهم هذه الآية هي لنا خاصة في الكتاب وهي محسن (ع) لأنه منا. 



سليم بن قيس في كتابه - رقم الصفحة : ( 223 )

قال أبان : قال سليم : فلقيت علياً (ع) فسألته عما صنع عمر ، فقال : هل تدري لم كف عن قنفذ ولم يغرمه شيئاً ؟ قلت : لا . قال : لأنه هو الذي ضرب فاطمة (ع) بالسوط حين جاءت لتحول بيني وبينهم ، فماتت (ص) وإن أثر السوط لفي عضدها مثل الدملج. 



سليم بن قيس في كتابه - رقم الصفحة : ( 224 )

فقال العباس لعلي (ع) : ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذاً كما أغرم جميع عماله ؟ ، فنظر علي (ع) إلى من حوله ثم إغرورقت عيناه بالدموع ، ثم قال : شكر له ضربة ضربها فاطمة (ع) بالسوط ، فماتت وفي عضدها أثره كأنه الدملج.



سليم بن قيس في كتابه - رقم الصفحة : ( 427 )

ثم أقبل على علي (ع) فقال : يا أخي : إن قريشاً ستظاهر عليكم وتجتمع كلمتهم على ظلمك وقهرك  فإن وجدت أعواناً فجاهدهم وإن لم تجد أعواناً فكف يدك واحقن دمك ، أما إن الشهادة من وراءك ، لعن الله قاتلك ، ثم أقبل على إبنته فقال : إنك أول من يلحقني من أهل بيتي ، وأنت سيدة نساء أهل الجنة  وسترين بعدي ظلماً وغيظاً حتى تضربي ويكسر ضلع من أضلاعك ، لعن الله قاتلك ولعن الأمر والراضي والمعين والمظاهر عليك وظالم بعلك وإبنيك



الفضل بن شاذان القمي الفضائل - رقم الصفحة : ( 141 )


وبالإسناد يرفعه إلى سليم بن قيس أنه قال لما قتل الحسين بن علي (ع) بكى إبن عباس بكاءاً شديداً ، ثم قال ما لقيت هذه الأمة بعد نبيها اللهم إني أشهدك إني لعلي بن أبي طالب (ع) ولولده ولي ومن عدوه وعدو ولده برئ فإني مسلم لأمرهم ولقد دخلت على علي بن أبي طالب (ع) إبن عم رسول الله (ص) بذى قار ، فأخرج لي صحيفة ، وقال يابن عباس هذه الصحيفة إملاء رسول الله (ص) وخطي بيدي ، قال فقلت يا أمير المؤمنين إقرأها عليّ ، فقرأها وإذا فيها كل شئ منذ قبض رسول الله (ص) إلى يوم قتل الحسين (ع) وكيف يقتل ومن يقتله ومن ينصره ومن يستشهد معه فيها ، ثم بكى بكاءاً شديداً وأبكاني ، وكان فيما قرأه كيف يصنع به وكيف تستشهد فاطمة وكيف يستشهد الحسين (ع) وكيف تغدر به الأمة ... ألخ.

السبت، 1 أغسطس 2015

مجموعة من الدلائل حول مظلومية الزهراء عليها السلام


أ- حادثة الهجوم على بيت علي والزهراء (عليها السلام) .
روى موسى بن عقبة - بأسناد جيد - عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أن رجالاً من المهاجرين غضبوا في بيعة أبي بكر, منهم علي والزبير, فدخلا بيت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعهما السلاح, فجاءهما عمر بن الخطاب في عصابة من المهاجرين والأنصار, فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش الأشهليان وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي, فكلموهما حتى أخذ أحدهم سيف الزبير فضرب به الحجر حتى كسره... (الرواية).
أنظر: (سبل الهدى والرشاد 12: 317, الرياض النضرة 1: 317, تاريخ الخميس: 2: 169).
وعن الخطيب التبريزي في (الإكمال في أسماء الرجال) قال: وزاد ابن أبي الحديد (2: 50) من شرحه: فصاحت فاطمة الزهراء وناشدتهم الله, فأخذوا سيفي علي والزبير فضربوا بهما الجدار حتى كسروهما. قال التبريزي: وله شاهد صحيح من حديث زيد بن أسلم عند ابن أبي شيبة وابن جرير والطبري يأتي في ترجمة زيد بن أسلم إن شاء الله تعالى. (شرح النهج لابن ابي الحديد 2/50).
وعند العودة إلى ترجمة زيد بن أسلم من الإكمال تجده يذكر هذه الرواية. قال مالك: عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر وهو يحبذ لسانه, فقال له عمر: غفر الله لك. فقال أبو بكر: ((إن هذا أوردني الموارد)), وفي رواية عند أبن أبي شيبة: ((هاه إن هذا أوردني الموارد)), والخبر صحيح أخرجه مالك في (الموطأ 2: 988/ كتاب الأحكام, وابن أبي شيبة في المصنف, 14: 568, 9: 66, وابو يعلى في المسند 1: 36).
وهذا الخبر الصحيح الذي ذكره الخطيب التبريزي وعدّه شاهداً لما رواه ابن عقبه وزاد فيه ابن أبي الحديد المعتزلي بعبارة صريحة ليس هو إلا اللسان الثاني لما روي عن أبي بكر - بسند حسن - أنه قال.في مرض موته: ((أما أني لا آسى على شيء في الدنيا إلا على ثلاثة فعلتهن, ووددت أني لم أفعلهنَّ (ثم ذكر) فوددت أنّي لم أكشف عن بيت فاطمة وتركته ولو أغلق على حرب)).أنظر: (المعجم الكبير للطبراني 1: 62, الأحاديث المختارة 1: 89 وقال عنه حديث حسن, كنز العمال 5: 632 ينقله عن ابن أبي عبيده في كتاب الأموال وخيثمه بن سليمان الاطرابلسي في فضائل الصحابة وعن الطبراني في الكبير وابن عساكر وعن الضياء المقدس صاحب المختارة تاريخ دمشق 3: 422. تاريخ الإسلام للذهبي 118,117:3, جامع المسانيد والسنن لابن كثير 65:17 ) وايضاً روى روى الحاكم بسند صحيح عن موسى بن عقبة عن سعد بن إبراهيم قال حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: أن عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر وأن محمد بن مسلمة كان معهم, وأنه هو الذي كسر سيف الزبير.
انظر: (المستدرك على الصحيحين 3: 660 وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين, ووافقه الذهبي كما في تلخيص المستدرك, والبداية والنهاية لأبن كثير 5: 270 قال عنه: إسناد جيد, وذكره أيضاً في السيرة النبوية 4: 496, والسنن الكبرى للبيهقي 8: 152, وتاريخ الإسلام للذهبي3: 13. وشرح نهج البلاغة للمعتزلي 6: 48 يرويه عن أبي بكر الجوهري عن سعد بن إبراهيم).
وقد روى حادثة الهجوم على بيت الزهراء (عليها السلام) الكثير من المؤرخين, نذكر منهم: الطبري في (تاريخه 2: 203 ), والبلاذري في (أنساب الأشراف 1: 587/ طبعة دار الفكر) وفيه: عن ابن عباس قال: بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى عليّ حين قعد عن بيعته وقال: ائتني به بأعنف العنف. واليعقوبي في (تاريخه 2: 126), والمقدسي في (البدء والتاريخ 5: 151), وابن الأثير في (الكامل 2. 325), وكثير غيرهم, وقد مرت بنا رواية ابن عساكر وابن كثير والذهبي في بيان جانب من حادثة الهجوم وكسر سيف الزبير.
ب- التهديد بالإحراق, بل حصول الإحراق بالفعل :
وأما حادثة التهديد بالإحراق, وحصول الإحراق بالفعل فقد رواها سدنة التاريخ عند أهل السنة أمثال الطبري والبلاذري والمسعودي وابن أبي شيبة والشهرستاني وابن عبد ربه الأندلسي وأبي الفداء وابن قتيبة وغيرهم, وإليك النصوص:
1- روى الطبري - الذي وصفه ابن الأثير في كامله 1: 7 بأنه الإمام المتقن حقاً الجامع علماً وصحة واعتقاد وصدقاً - بسند رجاله ثقات عن زياد بن كليب قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة.. (المصدر 2: 443 طبعة مؤسسة الأعلمي, وقد ذكر في صدر الطبعة ان هذه الطبعة قوبلت على النسخة المطبوعة بمطبعة بريل بمدينة لندن في سنة 1879م)
2- روى البلاذري بسند رجاله ثقات عن أبن عوان ان أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة, فلم يبايع, فجاء عمر ومعه فتيلة (قبس خ) فتلقته فاطمة على الباب فقالت فاطمة: يابن الخطاب! أتراك محرّقاً عليَّ بأبي؟! قال: نعم, وذلك أقوى فيما جاء به أبوك (أنساب الأشراف 2: 268 ط دار الفكر).
3- وعن المسعودي في (مروج الذهب), قال: حدث النوفلي في كتابه في الأخبار, عن ابن عائشة, عن أبيه, عن حماد بن سلمة قال: كان عروة بن الزبير يعذر أخاه إذا جرى ذكر بني هاشم وحصره إياهم في الشعب وجمعه لهم الحطب لتحريقهم, ويقول: إنما أراد بذلك إرهابهم ليدخلوا في طاعته إذ هم ابوا البيعة فيما سلف.
قال المسعودي: وهذا خبر لا يحتمل ذكره هنا, وقد أتينا على ذكره في كتابنا في مناقب أهل البيت وأخبارهم المترجم بكتب (حدائق الأذهان). (المصدر 3: 87).
4- روى عثمان بن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن أسلم: إنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله), وكان علي والزبير يدخلون على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويشاورونها ويرتجعون في أمرهم فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك, وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك, وأيم الله ماذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك, إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت (الرواية) (المصنف 8: 572).
ولسنا هنا في مقام مناقشة دعوى الحب هذه, وكيف تراها اتفقت مع الحلف والعزم على احراق الدار بمن فيها!! وأيضاً لسنا في مقام المسوغ الشرعي باختيار فعل الإحراق دون غيره من الأفعال كالاعتقال والمحاججة أو الحبس.. اننا لسنا في صدد ذلك كله, وإنما نحن فقط في صدد إثبات الاعتراف بصدور هذا المضمون من الجناية في حق الزهراء(عليها السلام) من قبل عمر بن الخطاب وبتوجيه من (الخليفة) أبي بكر ..
5- وروى ابن عبد ربه الأندلسي في كتابه العقد الفريد قال: الذين تخلفوا على بيعة أبي بكر: علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة, حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له: إن أبو فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة فقالت: يابن الخطاب! أجئت لتحرق دارنا؟! قال: نعم.. (المصدر 4: 242 ط دار الكتاب العربي و4: 259) ط مكتبة النهضة المصرية).وأيضاً رواه أبن أبي الفداء في (تاريخه 1: 156), ومن المعاصرين عمر رضا كحالة في (أعلام النساء 4: 115 - 116). وعبد الرحمن أحمد البكري في (حياة الخليفة عمر بن الخطاب: 118).
6- وروى ابن قتيبة الدينوري بسنده عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري في رواية طويلة يذكر فيها السقيفة وما جرى فيها وبعدها, إلى أن يقول: (( فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنّها على من فيها, فقيل له: يا أبا حفص! إن فيها فاطمة! قال: وإن)) (الإمامة والسياسية: 17: 20) .
7ـ وقال الشهرستاني: وقال - أي النظام ـ: إن عمر ضرب بطن فاطمة (عليها السلام) يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها. وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام). (الملل والنحل 1: 57 ط بيروت) .
8- وأيضاً روى المسعودي في (إثبات الوصية): ((.... فأقام أمير المؤمنين(عليه السلام) ومن معه من شيعته في منزله, بما عهد إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجهّوا إلى منزله فهجموا عليه وأحرقوا بابه واستخرجوه منه كرهاً وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً وأخذوه بالبيعة فامتنع ...( المصدر:153 -155).
ج- الروايات الدالة على كسر الضلع :روى الحمويني الشافعي بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) في خبر طويل, قال: ((...وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين, من الأولين والآخرين, وهي بضعة مني, وهي نور عيني, وهي ثمرة فؤادي... وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي, كأني بها وقد دخل الذل بيتها, وانتهكت حرمتها, وغصب حقّها, ومنعت إرثها, وكسر جنبها, وأسقطت جنينها... (الرواية) (فرائد السمطين 2: 36) ورواها أيضاً بسند معتبر عن ابن عباس الشيخ الصدوق في أماليه: 99ـ 101).
نقول هذه الرواية التي رواها أحد علماء السنة, تكفينا في المقام في إثبات وقوع حادثة كسر الضلع إذا ضممنا إلى ذلك تواتر ذكرها في كتب الشيعة. وفي هذا المعنى يقول العلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء: ((طفحت واستفاضت كتب الشيعة, من صدر الإسلام, والقرى الأول, مثل كتاب سليم بن قيس, ومن بعده إلى القرن الحادي عشر وما بعده, بل وإلى يومنا هذا, كل كتب الشيعة التي عنيت بأحوال الأئمة, وأبيهم الآية الكبرى, وأمهم الصديقة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين, وكل من ترجم لهم, وألف كتاباً فيهم, وأطبقت كلمتهم تقريباً, أو تحقيقاً في ذكر مصائب تلك البضعة الطاهرة: أنها بعد رحلة أبيها المصطفى ضرب الظالمون وجهها, ولطموا خدها, حتى أحمرت عينها, وتناثر قرطها, وعصرت بالباب حتى كسر ضلعها, وأسقطت جنينها, وماتت وفي عضدها كالدملج ثم أخذ شعراء أهل البيت سلام الله عليهم, هذه القضايا والرزايا, ونظموها في أشعارهم, ومراثيهم, وأرسلوها إرسال المسلمات من الكميت, والسيد الحميري, ودعبل الخزاعي, والنميري, والسلامي, وديك الجن, ومن بعدهم, ومن قبلهم إلى هذا العصر...)) (انظر جنة المأوى 78ـ 81).
وفي هذا المعنى يقول العلامة المظفر يكفي في ثبوت قصة الإحراق رواية جملة من علمائهم له, بل رواية الواحد منهم له, لا سيما مع تواتره عند الشيعة. (انظر: دلائل الصدق ج3 قسم1).
نقول: ويمكن إثبات المظلومية الأخرى - نقصد اسقاط الجنين - بنفس هذه الضابطة, أي في كفاية رواية جملة في علماء أهل السنة للحادثة, بل في رواية الواحد منهم لها, مع تواتر أو تضافر هذا الأمر عند الشيعة, وقد تقدم من الشيخ كاشف الغطاء ذكره لتطابق الكلمة عند الشيعة على مظلومية الزهراء(عليها السلام) بتفاصيلها التي تقدم ذكرها في كلامه. بل نجد من علماء أهل السنة من ينقل هذا التطابق عند الشيعة وليس إلى دعوى عالم أو فرد معين من علمائهم يقول المقدسي: ((وولد محسناً, وهو الذي تزعم الشيعة: إنها أسقطته من ضربة عمر)) (البدء والتاريخ 5: 20).
وقد نسب ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي ضربها (عليها السلام) وإسقاط المحسن - جنينها - إلى الشيعة, وأن الشيعة تنفرد به (شرح نهج البلاغة 2: 60).
فالمقدسي والمعتزلي والشافعي ينسبان رواية المظلومية والقول بها إلى طائفة الشيعة, لا إلى جمهورها, أو إلى المشهور في هذه الطائفة, وذلك يشير إلى الإجماع الذي اشار إليه الشيخ كاشف الغطاء, وأشار إليه - من قيل - الشيخ الطوسي (رحمه الله) حين قال: ((ومما أنكر عليه: ضربها لفاطمة عليها السلام, وقد روي أنهم ضربوها بالسياط والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة - أن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت, فسمي السقط ((محسناً)) والرواية بذلك مشهورة عندهم. وما أرادوا من إحراق البيت عليها, حين التجأ إليها قوم, وامتنعوا من بيعته وليس لأحد أن ينكر الرواية بذلك, لأنا قد بيّنا الرواية الواردة من جهة العامة, من طريق البلاذري, وغيره, ورواية الشيعة مستفضية به, لا يختلفون في ذلك)) (انظر تلخيص الشافي 3: 156).
وقال العلامة المجلسي في ((بحار الأنوار)) عند ذكر الإسقاط ـ: ((استفاض في رواياتنا بل في رواياتهم)) (انظر بحار الأنوار 28: 409).
د- الروايات الدالة على إسقاط الجنين.
1- تقدم في الفقرة السابقة ذكر الرواية التي أوردها الشيخ الحمويني الشافعي - من علماء أهل السنة - في كتابه (فرائد السمطين) عن ابن عباس في أخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الزهراء (عليها السلام). بانتهاك حرمتها, وغصب حقّها, ومنعها إرثها, وكسر ضلعها, وإسقاط جنينها.
2- ذكر الشهرستاني في الملل والنحل, والصفدي في (الوافي بالوفيات) عن ابي اسحاق إبراهيم النظام - وهو شيخ الجاحظ - قوله: ان عمر ضرب بطن فاطمة (عليها السلام) يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها, وكان يصيح: أحرقوها بمن فيها, وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين (انظر: الملل والنحل 1: 77, الوافي بالوفيات 6: 17).
3- ذكر ابن قتيبة في كتابه (المعارف) - على ما حكي عنه الحافظ السروي المعروف بابن شهر آشوب في كتابه (مناقب آل أبي طالب 133:3), ويؤيد ذلك فيما نقله عنه الحافظ الكنجي الشافعي. في كتابه ( كفاية الطالب 423 )ـ: ((وأولادها الحسن والحسين والمحسن سقط)), وقال: ((ان محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي)).
إلا ان الطبعة المتداولة للمعارف قد حذف فيها هذا المقطع, ويكفينا بمراجعة هذين المصدرين الشيعي والسني فيما نقلاه عن ابن قتيبة لندرك تلاعب الايدي في كتاب ((المعارف)).
4- ومن علماء أهل السنة من ذكر ان للزهراء (عليها السلام), ولداً اسمه (محسن) وقد أسقط. نذكر:
ـ الحافظ جمال الدين المزي (ن 742هـ) قال في كتابه (تهذيب الكمال 20: 472), قال: ((كان لعلي من الولد الذكور.. والذين لم يعقبوا محسن درج سقطاً)).
ـ الصلاح الصفدي (ت 764هـ) قال في (الوافي بالوفيات 21: 281): ((والمحسن طرح)) حكى ذلك عن شيخه الذهبي في كتابه (فتح المطالب في فضل علي ابن أبي طالب).
ـ الصفوري الشافعي (ت 894هـ) قال في (نزهة المجالس2: 229): ((وكان الحسن أول أولاد فاطمة الخمسة: الحسن, والحسين, والمحسن كان سقطاً, وزينب الكبرى, وزينب الصغرى)). وقال في كتابه الآخر: (المحاسن المجتمعة في الخلفاء الأربعة ص164): ((من كتاب الاستيعاب لأبن عبد البر قال: واسقطت فاطمة سقطاً سماه علي محسناً)).
نقول: وهذا ليس في الاستيعاب المطبوع, فلاحظ التحريف في هذه القضية لتعرف شدّة انحسارها في كتب القوم اليوم..
ـ الشيخ محمد الصبان الشافعي (ت 1206هـ) قال في كتابه (اسعاف الراغبين/ بهامش مشارق الأنوار للحمزاوي ص81): ((فاما محسن فأدرج سقطاً)).
ويمكن متابعة بقية علماء أهل السنة الذين ذكروا ان للزهراء (عليها السلام) ولداً أسمه (المحسن) وقد مات سقطاً في كتاب (المحسن السبط مولود أم سقط) للسيد مهدي الخرسان.. وبضم هذه الأقوال مع ما تقدم يظهر الصبح لذي عينين.