الاثنين، 8 يوليو 2013

" احتجاج أمير المؤمنين (ع) على أبي بكر وعمر لما منعا فاطمة الزهراء (ع) فدك " .


" احتجاج أمير المؤمنين ( ع ) على أبي بكر وعمر لما منعا فاطمة الزهراء ( ع ) فدك بالكتاب والسنة " . 

عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما بويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة عليها السلام بنت رسول الله منها ، فجاءت فاطمة الزهراء عليها السلام إلى أبي بكر ثم قالت لم تمنعني ميراثي من أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر الله تعالى ؟

فقال : هاتي على ذلك بشهود .

فجاءت بأم أيمن ، فقالت له أم أيمن : لا أشهد يا أبا بكر حتى احتج عليك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، أنشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال " أم أيمن امرأة من أهل الجنة ( 1 ) " فقال : بلى . 

قالت " فأشهد : أن الله عز وجل أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله " وآت ذا القربى حقه " فجعل فدكا لها طعمة بأمر الله ، فجاء علي عليه السلام فشهد : بمثل ذلك فكتب لها كتابا ودفعه إليها. 

فدخل عمر فقال : ما هذا الكتاب ؟ فقال : إن فاطمة عليها السلام ادعت في فدك ، وشهدت لها أم أيمن وعلي عليه السلام ، فكتبته لها ، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فتفل فيه ومزقه فخرجت فاطمة عليها السلام تبكي. 

فلما كان بعد ذلك جاء علي عليه السلام إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار فقال : يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ وقد ملكته في حياة رسول الله ( ص ). 

فقال أبو بكر : هذا فيئ للمسلمين ، فإن أقامت شهودا أن رسول الله جعله لها وإلا فلا حق لها فيه. 

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين .

قال : لا . 

قال : فإن كان في يد المسلمين شئ يملكونه ، ثم ادعيت أنا فيه من تسأل البينة ؟ 

قال : إياك أسأل البينة. 

قال : فما بال فاطمة سئلتها البينة على ما في يديها ؟ وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده ، ولم تسئل المسلمين بينة على ما ادعوها شهودا ، كما سألتني على ما ادعيت عليهم ؟ 

فسكت أبو بكر فقال عمر : يا علي دعنا من كلامك . فإنا لا نقوى على حجتك ، فإن أتيت بشهود عدول ، وإلا فهو فيء للمسلمين لا حق لك ولا لفاطمة فيه. 

فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا أبا بكر تقرء كتاب الله ؟ 

قال : نعم . 

قال : أخبرني عن قول الله عز وجل : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فيمن نزلت فينا أم في غيرنا ؟ 

قال : بل فيكم. 

قال : فلو أن شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله بفاحشة ما كنت صانعا بها ؟ 

قال كنت أقيم عليها الحد ، كما أقيمه على نساء المسلمين. 

قال : إذن كنت عند الله من الكافرين. 

قال : ولم. 

قال : لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة ، وقبلت شهادة الناس عليها ، كما رددت حكم الله وحكم رسوله ، أن جعل لها فدكا قد قبضته في حياته ، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها ، وأخذت منها فدكا ، وزعمت أنه فيء للمسلمين ، وقد قال رسول الله " ص " : البينة على المدعي : واليمين على المدعى عليه " فرددت قول : رسول الله " ص " : البينة على من أدعى ، واليمين على من ادعي عليه.

قال : فدمدم الناس وأنكروا ، ونظر بعضهم إلى بعض ، وقالوا : " صدق والله علي بن أبي طالب عليه السلام " ورجع إلى منزله . 

قال : ثم دخلت فاطمة المسجد ، وطافت بقبر أبيها ، وهي تقول :

قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها* واختل قومك فاشهدهم ولا تغب 
قد كان جبريل بالآيات يونسنا * فغاب عنافكل الخير محتجب 
وكنت بدرا ونورا يستضاء به * عليك ينزل من ذي العزة الكتب 
تجهمتنا رجال واستخف بنا * إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب 
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت * منا العيون بتهمال لها سكب 

قال : فرجع أبو بكر وعمر إلى منزلهما ، وبعث أبو بكر إلى عمر فدعاه ثم قال : له أما رأيت مجلس علي منا في هذا اليوم ؟ والله لئن قعد مقعدا آخر مثله ليفسدن علينا أمرنا ، فما الرأي ؟ فقال عمر : الرأي أن تأمر بقتله ، قال : فمن يقتله ؟ قال : " خالد بن الوليد ". 

فبعثوا إلى خالد فأتاهما ، فقالا : نريد أن نحملك على أمر عظيم ، قال : احملاني على ما شئتما ، ولو على قتل علي بن أبي طالب . 

قالا : فهو ذلك . 

قال خالد : متى أقتله ؟ 

قال أبو بكر : احضر المسجد وقم بجنبه في الصلاة ، فإذا سلمت فقم إليه واضرب عنقه. 

قال : نعم . 

فسمعت أسماء بنت عميس وكانت تحت أبي بكر . فقالت : لجاريتها اذهبي إلى منزل علي وفاطمة عليهما السلام ، واقرأيهما السلام ، وقولي لعلي " إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين " 

فجاءت فقال أمير المؤمنين عليه السلام " قولي لها : إن الله يحول بينهم وبين ما يريدون " . 

ثم قام وتهيأ للصلاة ، وحضر المسجد ، وصلى خلف أبي بكر ، وخالد بن الوليد يصلي بجنبه ، ومعه السيف ، فلما جلس أبو بكر في التشهد ، ندم على ما قال وخاف الفتنة ، وعرف شدة علي وبأسه ، فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم ، حتى ظن الناس أنه قد سهى . ثم التفت إلى خالد ، فقال : " يا خالد لا تفعلن ما أمرتك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " . 

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا خالد ما الذي أمرك به ؟ 

فقال أمرني بضرب عنقك . 

قال : أو كنت فاعلا ؟ قال : إي والله ، لولا أنه قال لي لا تقتله قبل التسليم لقتلتك . 

قال : فأخذه علي عليه السلام فجلد به الأرض ، فاجتمع الناس عليه ، فقال عمر يقتله ورب الكعبة ، فقال الناس ، يا أبا الحسن الله الله ، بحق صاحب القبر ، فخلى عنه ، ثم التفت إلى عمر ، فأخذ بتلابيبه وقال : يا بن صهاك والله لولا عهد من رسول الله ، وكتاب من الله سبق ، لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا ودخل منزله .